للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها)]

ثم قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النازعات:٤٢] (يسألونك) أي: يسألك الناس، كما قال تعالى في آية أخرى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب:٦٣] وسؤال الناس عن الساعة ينقسم إلى قسمين: سؤال استبعاد وإنكار وهذا كفر، كما سأل المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة واستعجلوها، وقد قال الله عن هؤلاء: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} [الشورى:١٨] .

وسؤال عن الساعة للاستعداد لها، وهذا لا بأس به، وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! متى الساعة؟ قال له: ماذا أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله، قال: المرء مع من أحب) فالناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تختلف نياتهم في هذا السؤال، ولكن مهما كانت نياتهم ومهما كانت أسئلتهم فعلم الساعة عند الله، ولهذا قال: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا} [النازعات:٤٣-٤٤] أي: أنه لا يمكن أن تذكر لهم الساعة، لماذا؟ لأن علمها عند الله، كما قال الله تعالى في آية أخرى: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب:٦٣] وقد سأل جبريل -وهو أعلم الرسل من الملائكة- النبي صلى الله عليه وسلم -وهو أعلم الخلق من البشر- فقال: (أخبرني عن الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما المسئول عنها بأعلم من السائل) أي: إذا كانت خافية عليك فأنا أيضاً خافية عليَّ، وإذا كان أعلم الملائكة وأعلم البشر لا يعلمان متى الساعة فما بالك بمن دونهما؟ وبهذا نعرف أن ما يشيعه بعض الناس من أن الساعة تكون في كذا، وفي زمن معين كله كذب، نعلم أنهم كَذَبَة في ذلك؛ لأنهم لا يعلمون متى الساعة، ولا يعملها إلا الله عز وجل.