للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الاجتماع السنوي لجماعة التبليغ]

فضيلة الشيخ! ذكرت في الإجابة على السؤال قبل السابق أنك لا ترى الذهاب إلى باكستان وتذكر أن فيه بعض الخرافات، هل يا صاحب الفضيلة! ذهبت إلى هذا الاجتماع، أو أرسلت من تثق به حتى تتكلم عن هذا الاجتماع؟

أما أنا فلم أذهب ولم أرسل أحداً بصفة تكليفية، ولكن الذين ذهبوا وعادوا من هناك انقسموا أيضاً إلى قسمين: قسم منهم قال: ما رأينا خطباً إلا خطباً، يعني: لا تنافي الإسلام، لكن مجرد الاجتماع في وقتٍ معين في مكان معين بهذه الكثرة كأنها عيد يتكرر أو كأنه موسم حج، ومجرد وقوع هذا الأمر لا نعلم له أصلاً من الشرع لا في زمن الخلفاء الراشدين ولا من جاء بعدهم.

ثم إن أكثر الإخوان الذين يتكلمون يقولون: إن عندهم بدعة في هذا المجتمع وإن كانت لا تعلم بالخطب، لكن يختارون بعض رؤساء الجماعات ويتكلمون معهم في أشياء، لاسيما إذا كانوا من غير البلاد (السعودية) ، فالله أعلم.

ونحن نقول: مادام الشيء فيه احتمال، وما دام أصل هذا التجمع في وقت محدد في كل سنة ليس له أصل من السنة ولا من عمل الخلفاء فتركه أولى.

السائل: فضيلة الشيخ! هذا الاجتماع ليس هو المقصد، وإنما المقصد هو تفريغ الأوقات للدعوة والتضحية في سبيل الله؟ الشيخ: إذا كان ذلك مقصدهم فيقال لهم: لستم أحرص من الخلفاء الراشدين ولا من الأئمة الذين سبقوكم، ولا عهدنا أنهم يجتمعون حتى في المدينة التي هي أصل الإسلام وأصل السنة، ما سمعنا أنه يكون فيها اجتماع كهذا الاجتماع، يبلغون أحياناً مليون شخص، ما سمعنا هذا.

وأنا في الحقيقة موقفي منهم ليس كموقف الإخوان الذين يشددون فيهم ويصفونهم بالبدعة ويصفونهم بالضلال ويحذرون منهم، ولكن موقفي الذي أدين الله به أن لهم تأثيراً لا يوجد له نظير في إصلاح الخلق وترقيق القلوب، ولكن عندهم أمور تحتاج إلى تعديل، ونحن قد كتبنا إلى بعض الإخوة قلنا لهم: لو أنهم جعلوا أساس ما يدعون إليه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مجيء جبريل عليه السلام في سؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما انتهى قال: (أتدرون من السائل قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) .

فشرائع الدين وشعائر الدين موجودة في هذا الحديث، لو جعلوا هذا الحديث هو الأساس لكان أولى.

أما إذا جعلنا هذه الصفات الست هي الأساس فمن واضعها؟ واضعها فلان من الناس معروف عندهم، وبهذا يكون في قلب الإنسان اتباع لهذا الشخص وتناسٍ لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه جعل هذا هو الأساس في دينه ودعوته، وهذه خطيرة، هذه شرك في الرسالة، ليس شرك في الألوهية والعبادة، ولكنها شرك في الرسالة، إذا قام بقلبه أنه يتبع هذه الأسس الستة التي أسسها فلان، وأن هذه هي العبادة وهذا هو الدين فمسألتها خطيرة، والإنسان يجب عليه أن يجرد شيئين لا يشرك أحداً فيهما: الإخلاص لله في العبادة، وهذا إخلاص في القصد، والإخلاص للرسول بالاتباع وهذا إخلاص الاتباع.

وهذه المسألة عظيمة كما قال ابن القيم في النونية فاجعل لنفسك هجرتين، الهجرة الأولى: إلى الله، والهجرة الثانية: إلى الرسول، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) هجرتك إلى الله بإخلاص التوحيد وهجرتك إلى الرسول بتجريد المتابعة بحيث لا تتابع إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

السائل: هو أخذ بكلمة لا إله إلا الله فكلامهم كيف يخرج اليقين الفاسد من القلب كعبادة الأشياء ويدخل اليقين على ذات الله؟ الشيخ: فلا إله إلا الله تفرد العبادة لله وحده، أي: لا معبود بحق إلا الله، ومحمد رسول الله تفرد الاتباع له وحده.

السائل: في الزيارات يقولون: كيف يحيا الدين فينا وفي الناس أجمعين، يعني: إن زار الناس كيف يحيا الدين فيهم وفي الناس ما هم فيه؟ الشيخ: على كل حال نيتهم إن شاء الله طيبة، لا نقول في نيتهم شيئاً، وتأثيرهم كبير وأخلاقهم نادرة الوجود، لكن يحتاجون إلى تعديل في المنهج، كل إنسان خطاء، إذا أصاب في شيء أخطأ في آخر، ولكن كيف نعالج هذا الخطأ؟ هذا هو محل الكلام.