للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم صلاة ركعتين بعد الوتر]

ما رأيكم فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين بعد الوتر جالساً، وهل هي سنة تفعل دائماً؟

يعني! ما هو رأيي في الجمع بين الأحاديث لا في الأحاديث نفسها؛ لأن الحديث ليس لنا فيه رأي، لكن الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض، وكذلك بين الآيات التي ظاهرها التعارض، ينبغي على الإنسان أن يسأل عنه إذا وقع في نفسه شك؛ لأن الآيات أو الأحاديث التي ظاهرها التعارض إذا لم يعرف الإنسان وجه الجمع بينهما بقي قلقاً.

ويجب أن نعلم أنه لا يمكن أن يوجد تعارض بين كلام الله عز وجل، ولا بين السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -فمثلاً- لو قال قائل: إن الله يقول في القرآن: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} [النساء:٤٢] .

هذه الآية تدل على أنهم لا يكتمون الله حديثاً، وفي آية أخرى يقول الله عز وجل: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:٢٣] فهنا كتموا، كيف يكون هذا؟ آية تنفي أن يكتموا الله حديثاً، وآية تثبت أنهم يكتمون الله حديثاً.

نقول: إن الجمع بينهما هو أن لهم أحوالاً، ففي بعض الأحوال يكتمون الله حديثاً، وفي بعض الأحوال لا يكتمون، كذلك أيضاً بالنسبة للوتر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) وثبت في صحيح مسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد الوتر جالساً، فكيف يمكن الجمع بين فعله وقوله؟ نقول: الحقيقة أنه لا تعارض.

أولاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على هاتين الركعتين بل يفعلهما أحياناً.

ثانياً: أن ابن القيم رحمه الله قال: إن هاتين الركعتين ليستا مستقلتين بل هما تابعتان للوتر، فهما بالنسبة للوتر كراتبة الفريضة، فلا يكون ذلك مخالفاً لقوله: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) .