للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وإذا الصحف نشرت)]

قال تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير:١٠] ، الصحف: جمع صحيفة، وهي: ما تُكْتَب فيها الأعمال.

واعلم أيها الإنسان أن كل عمل تعمله من قول أو فعل، فإنه يُكْتَب ويُسَجَّل في صحائف على أيدي أمناء {كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:١١-١٢] ، فيسجلون كل شيء تعمله، فإذا كان يوم القيامة فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء:١٣] أي: عَمَلَه في عنقه {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً} [الإسراء:١٣] ، أي: مفتوحاً، {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:١٤] .

كلامنا الآن ونحن نتكلم يُكْتَب، كلام بعضِكم مع بعض يُكْتَب، كلُّ كلامٍ يُكْتَب، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] .

ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) .

وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل: خيراً أو ليصمت) ؛ لأن كل شيء سيُكْتَب عليه، ومَن كَثُر كَلِمُه كَثُر سَقَطُه، أي: أن الذي يُكْثِرُ الكلامَ يَكْثُرُ سَقَطُه وزلاتُه.

فاحفظ لسانك، فإن الصحف سوف يُكْتَب فيها كل ما تقول، وسوف تُنْشَر لك يوم القيامة.