للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (وقالوا سمعنا وأطعنا)]

قال تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:٢٨٥] الضمير يعود على من؟ على الرسول والمؤمنين؛ لأنه قال: (آمن الرسول والمؤمنون) (وقالوا) أي: الرسول ومن آمن به: (سمعنا وأطعنا) ليسوا يقولون: (سمعنا وعصينا) ولكن يقولون: (سمعنا وأطعنا) أي: امتثلنا ما أمرنا به وتركنا ما نهينا عنه.

ومن الطاعة: تصديق الخبر، ولهذا لو قال قائل: لماذا لم يقولوا: سمعنا وصدقنا؟ لأن الكتب فيها أوامر ونواه وفيها أخبار، الطاعة للأوامر والنواهي، والتصديق للأخبار، نقول: ومن الطاعة أن نصدق بالأخبار؛ لأنه يجب علينا أن نصدق بكل خبرٍ جاء في هذه الكتب إذا صح به النقل، ثم إنه يجب أن نسمع ونطيع سواء علمنا الحكمة أم لم نعلم، ومن كان لا يطيع إلا إذا علم الحكمة فإنه ليس بمؤمن، انتبه! لماذا؟ لأنه اتبع هواه، إذا قال الإنسان: أنا لا أصلي حتى أعرف الحكمة من الصلاة! لا أتطهر حتى أعرف الحكمة! قلنا: إذاً لست بمؤمن! المؤمن يقول: (سمعنا وأطعنا) صل الظهر أربعاً، قال واحد: حسناً ولكن ما الحكمة، لماذا أربعاً؟ لماذا لم تكن ركعتين أو ستاً؟ يقول: لا يصلي هو، هل هذا مؤمن؟! لا.

المؤمن يقول: (سمعنا وأطعنا) ولهذا قال الله تعالى في سورة الأحزاب: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:٣٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>