للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (النجم الثاقب)]

قال تعالى: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:٣] هذا الطارق؛ وسمي طارقاً لأنه يبرز ليلاً، والطارق في اللغة العربية هو: القادم إلى أهله ليلاً، أو الوافد ليلاً، وعلى هذا فالطارق هو النجم.

(الثاقب) يثقب ظلام الليل بضيائه، ولهذا إذا خرجت إلى محل ليس فيه كهرباء لوجدت أنوار النجوم ظاهرة بينة، فهو يثقب الظلام بضيائه، ويثقب الشيطان بشهابه، الشياطين تتراكب حتى تصل إلى السماء لتسترق السمع، ولهذه الشياطين كُهَّانٌ في الأرض يتولونهم ويتلقونهم، فيأتيه الشيطان بخبر السماء ثم يشيعها الكاهن بين الناس ويكون -أعني الكاهن- حكماً بين الناس، يحكم بينهم، ولهذا كانوا في الجاهلية يأتون إلى الكهان يتحاكمون إليهم، لكن الإسلام أبطل ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) .

وتفسير (النجم الثاقب) تفسير الله عز وجل، ولا أحد يفسر القرآن بمثل ما يفسره من تكلم بالقرآن وهو الله، ولهذا يقول العلماء: يرجع في تفسير القرآن إلى عدة أشياء: أولاً: إلى تفسير الله عز وجل.

ثانياً: إلى تفسير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تفسير يعارض ذلك أبداً.

ثم إلى تفسير الصحابة ولاسيما الفقهاء منهم المعتنون بالتفسير؛ كـ عبد الله بن عباس.

ثم إلى أكابر علماء التابعين الذين تلقوا تفسير القرآن عن الصحابة رضي الله عنهم؛ مثل: مجاهد بن جبر.

وتفسير الله له أمثلة كثيرة في القرآن: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار:١٧-١٨] ما يوم الدين؟ {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:١٩] .

((الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:١-٣] ما هي؟ {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة:٤] ، والأمثلة كثيرة في هذا.

تفسير النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً له أمثلة: منها: قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:٢٦] (الحسنى) مبتدأ مؤخر، و (للذين) خبر مقدم (وزيادة) فما هي (الحسنى) ؟ وما هي (الزيادة) ؟ فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحسنى: هي الجنة، وأن الزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم، أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لذلك، وأن يجعلنا ممن يراه ربه وهو راضٍ عنه، ويرى ربه وهو راضٍ عنه، فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بأنها النظر إلى وجه الله، ولو أن أحداً قال في الزيادة بغير ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نقبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>