للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل الكفار مخاطبون بفروع الشرائع؟]

قال المصنف: [والكفار مخاطبون بفروع الشرائع] الكفار غير معذورين بكفرهم، فهم مخاطبون بفروع الشرائع، أي: تفصيلاتها الزائدة على أصل الإيمان، فيدخل في ذلك الصلاة والصوم والحج إلى آخر.

قال: [لأنهم مخاطبون بالإسلام] وهذه المسألة محل خلاف بين الأصوليين: فذهب جمهورهم إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لقول الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر:٤٢-٤٧] ، فهؤلاء كفار؛ لأنهم قالوا: (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) ومع ذلك مما سلكهم في النار ما بينوه عندما سئلوا: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) ، فتركوا الصلاة وتركوا الزكاة، (وكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) وكانوا يكذبون، (وكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) .

وقالت طائفة أخرى: هم غير مخاطبين بفروع الشريعة؛ لأنها لا تجزئهم ولا تصح منهم، فلو كانوا مخاطبين بها لأجزأهم فعلها، ومن المعلوم أن الكافر إذا صلى لا تصح صلاته، وإذا صام لا يصح صومه، وإذا حج لا يصح حجه، وإذا زكى لا تقبل منه زكاته: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣] ، {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:٦٥] ، {مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة:٢١٧] .

قال: [وبما لا تصح إلا به] أي: مخاطبون بما لا تصح الفروع إلا به وهو أصل الإيمان، وهو الإسلام؛ لقول الله تعالى: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:٤٣] .

الآيات.

لكن من المعلوم أن الكافر إذا أسلم لم يخاطب بقضاء شيء مما مضى، فلا يلزمه قضاء شيء من الماضي مع أنه كان مخاطباً به، لكنه إن مات على الكفر عذب على أصل الكفر وعلى الجزئيات التي تركها.

<<  <  ج: ص:  >  >>