للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله.]

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} [الحديد:٢٨] .

من أهل العلم من حمل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) على أن المراد بالذين آمنوا هنا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فيكون التأويل: يا أيها الذين آمنوا بعيسى وآمنوا بموسى آمنوا أيضاً بمحمد صلى الله عليه وسلم، وشهد لهذا التأويل قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد:٢٨] ، والكفل هو النصيب، وإن كان الكفل يطلق على نصيب الشر في بعض الأحيان، لكن في أحيانٍ أُخر يطلق على النصيب، سواءٌ من الخير أو من الشر.

أما إطلاقه على نصيب الخير فلهذه الآية: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) ، وأما إطلاقه على نصيب الشر فكقوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء:٨٥] ، فعبر عن الحسنات بالنصيب، وعبر عن السيئات بالكفل.

فقوله تعالى: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) ، يفسره حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: ورجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه، وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم) ، فهذا يرجّح قول من قال: إن المراد بالذين آمنوا -هنا في الآية- هم اليهود والنصارى.

ومنهم من قال: إن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) ، خطابٌ موجه لأهل الإيمان.

أي: ليزدد إيمانكم بالله، وليزدد إيمانكم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ازداد إيمانكم تضاعفت أجوركم.