للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا.)

{رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الممتحنة:٥] ما المراد بقوله سبحانه حاكياً قول أهل الإيمان: {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الممتحنة:٥] ؟ أشهر الأقوال في تفسير هذه الآية: لا تنصرهم -يا ربنا- علينا، فيغتروا بهذا النصر ويظنون أنهم على الحق، لا تنصرهم علينا فإنك إذا نصرتهم علينا قالوا: لو كان هذا نبياً حقاً ما هزم، وما قتل وما قتل أصحابه، فيفتنون بذلك ويثبتون على كفرهم، فهو -إذاً- دعاء مضمن لجزئيتين: أولهما: ألا نكون فتنة للكفار فيستمروا على كفرهم.

الثاني: ألا نهزم من هؤلاء الكفار.

{رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الممتحنة:٥] ، ويلتحق بها أيضاً سوء التصرفات التي تزل فيها بعض أقدام أهل الإيمان، فأنت -يا مؤمن- في ظاهرك مؤمن ملتزم، وإذا زلت قدمك في مسألة ونظر إليك أهل الفسق وقدمك قد زلت ارتدوا على أدبارهم، يعني: إذا رآك أهل الكفر -وأنت مسلم في ظاهرك- تعبث بالفتيات، أو ترتكب المحرمات، أو تشرب الخمور أمام الناس انتكسوا وفتنوا بفعلك، وتركوا الطريق الذي أنت عليه لهذه الأفعال الشاذة الصادرة منك، فهذا أحد الأوجه أيضاً في تفسير قوله سبحانه: {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا} [الممتحنة:٥] ، أي: واغفر لنا يا ربنا! فهذه دعوات يستحب لك أن تدعو بها، فعلى قول بعض المفسرين كما سمعتم أن: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا} [الممتحنة:٤] هو أمر من الله لنا نحن المؤمنين أن نقول هذه الكلمة، قولوا أنتم يا أتباع إبراهيم: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الممتحنة:٤-٥] أي: يا ربنا! فهو أمر لنا أن نقولها على أحد الأوجه في التفسير.