للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حرص الكفار على تفريق المسلمين]

لما شعر أعداء الله بأن في اتحاد المسلمين قوة لهم كما لا يخفى، مزقوهم إرباً، مزقوهم إلى قوميات، واشتعلت في تركيا جماعة تركيا الفتاة التي تبث القومية التركية في تركيا، وتفصلها عن الإسلام، واشتعلت في بلاد العرب ما يقاوم القومية التركية، وهي القومية العربية؛ ففضلوا العربي النصراني على التركي المسلم، وتقسموا إلى دويلات كل دويلة ترفع شعارها الجاهلي، فمصر ترفع الشعار الفرعوني، والعراق ترفع الشعار البابلي كل حزب بما لديهم فرحون، كما قال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون:٥٣] .

ولم يقف الأمر إلى هذا الحد، بل المذاهب أيضاً التي يفترض فيها جميعها أن يكون منطلقها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الفتيا ثم أقوال الصحابة تعصب لها أهلها غاية التعصب، تعصب الشافعية في أوقات للمذهب الشافعي أيما تعصب، وتعصب الأحناف للمذهب الحنفي أيما تعصب، وكذلك الحنابلة، وكذلك المالكية، حتى صدرت جملة من الفتاوى تحرم على بعض أهل المذاهب الزواج من المذهب الآخر، وقد شكى من هذا الصنعاني رحمه الله تعالى صاحب كتاب سبل السلام وهو ابن الأمير الهاشمي المشهور، وذكر رحمه الله تعالى أبيات شعر يتوجع فيها غاية التوجع من أهل زمانه الذين ناصبوه العداء، لا لذنب اقترفه، ولا لإثم ارتكبه، إلا لكونه متبعاً للدليل الوارد من الكتاب والسنة فقال -رحمه الله تعالى- ناعياً على قومه، وناعياً أيضاً على أقربائه من آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام الذين تعصبوا للمذهب الزيدي، قال فيهم وفي غيرهم من المتعصبة الذين نبذوا الأدلة وراء ظهورهم: وأقبح من كل ابتداع رأيته وأنكاه من قلب المولع بالرشد مذاهب من رام الخلاف لبعضها يعض بأنياب الأساود والأسد فيرميه أهل الرفض بالنصب فرية ويرميه أهل النصب بالرفض والجد وليس له ذنب سوى أنه غدا يتابع قول الله في الحل والعقد فإن كان هذا ذنب فحبذا به ذنب يوم ألقاه في لحدي وفي ثناياها أبيات أخر سقطت: يصب عليه سوط ذم وغيبة ليجفوه من قد كان يهواه عن عمد الكل يصب عليه سياط الاغتياب، والقيل والقال، والكذب والافتراء، حتى يرفضه الآخرون وينبذونه.

وتوجع آخر فقال: إن يسألوا عن مذهبي لم أبح به وأكتمه وكتمانه لي أسلم ونحن لا نوافقه على مسألة الكتمان تلك، قال: إن يسألوا عن مذهبي لم أبح به وأكتمه وكتمانه لي أسلم فإن حنفياً قلت قالوا بأنني أبيح الطلا وهو الشراب المحرم وإن مالكياً قلت قالوا بأنني أبيح لهم لحم الكلاب وهم هم وإن شافعياً قلت قالوا بأنني أبيح نكاح البنت والبنت تحرم وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني ثقيل بغيض حلولي مجسم وإن قلت من أهل الحديث وحزبه قالوا تيس ليس يدري ويفهم عجبت من هذا الزمان وأهله فمن ذا الذي من ألسن الناس يسلم