للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله)]

{يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون:٨-٩] ، أي: كما ألهت أهل النفاق، وكما شغلت أهل النفاق، فقد يكون هذا هو وجه الربط بين قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون:٩] ، وبين موضوع السورة.

وبعض أهل العلم ومنهم: الشوكاني في تفسيره فتح القدير، وتبعه وأخذ ذلك منه صديق حسن خان في فتح البيان لا يقولون بلزوم التناسب، بل وألّف قبلهما مؤلفون في مناسبة الآية مع التي قبلها.

قال الشوكاني رحمه الله تعالى ما حاصله وفحواه: لا يلزم أن يكون هناك ترابط بين كل آية والآية التي بعدها، صحيح قد يكون هناك ترابط بين الآية والآية التي سبقتها والآية التي تتلوها، ولكن ليس هذا في كل وقت وحين.

فقد تأتي آيات مستقلة تنشئ معنىً جديداً كما في سورة البقرة، حيث ترى آيات تتعلق بالطلاق، وآيات أُخر تتعلق بالربا، وآيات تتعلق بالجهاد، وآيات نصفها عن الربا ونصفها في الحث على تقوى الله، فأحياناً تجد آيات لها صلة بالآيات التي قبلها في المعنى، ولكن ليس هذا بلازم، فلا يلزم في كل وقت أن يكون هناك مناسبة في المعنى بين كل آية والتي بعدها.

فإن التمس وجه للمناسبة في المعنى فبها ونعمت، وإن لم يكن هناك اتصال ولا مناسبة فليس هناك شيء ملزم من الكتاب والسنة يقول إنه لابد أن تكون الآية متصلة بما قبلها في المعنى، أو منفصلة عما قبلها في المعنى.