للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نشوز المرأة]

{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء:٣٤] النشوز: العلو والارتفاع، ومنه الأرض النشز.

أي: المرتفعة والعالية، فمعنى الآية: اللاتي تخافون علوهن وارتفاعهن على أوامركم {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:٣٤] .

(الواو) في الحقيقة ليست في كل الأحوال تفيد الترتيب وإنما تفيد مطلق التشريك، جاء زيد وعمرو، ليس معناه أن زيد جاء ثم بعد يوم أو ساعة جاء عمرو ولكن يمكن أن يكون زيد جاء مع عمرو في وقت واحد.

أكلت خبزاً ولحماً، ليس معناه أنك أكلت خبزاً ثم أكلت لحم، بل قد تأكل خبزاً مع لحم؛ فعلى ذلك يجوز أن يُقدم شيء على آخر إذا دعت الحاجة أو الضرورة لذلك، وإن كان الأسلم على التقعيد أن تقدم الموعظة والتذكير، ولكن شاهدنا (أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء يوماً من خارج البيت فوجد عائشة معلقة خميصة سترت به الجدار فيها تصاوير، فغضب عليه الصلاة والسلام ولم يسلم عليها حتى خرجت هي وقالت: أتوب إلى الله ورسوله، ماذا أذنبت يا رسول الله؟ فقال لها: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة) (وجاء النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً عندما رجع من البقيع وكانت عائشة تتابعه لما خرج إلى البقيع وتركها نائمة، فظنت أنه خرج عند بعض نسائه، فجلست تبحث عنه ثم ذهبت إلى البقيع فلما رأته قد رجع قفلت راجعة فجاءها وهي تلهث، فقال: يا عائشة! لعلك السواد الذي رأيت؟ قالت: نعم يا رسول الله) والحديث فيه: (أتظنين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ فلهدني لهدة أوجعتني) .

فالشاهد: أن الشخص قد يسلك مسلكاً قبل مسلك آخر إذا احتيج إلى ذلك كأصحاب المعاصي بصفة عامة، فأصحاب المعاصي يجوز أحياناً أن تقدم التذكير، لكن إذا كان فاعلها يعلم أنها معصية وتمادى في فعلها فيجوز لك أن تسلك معه مسلكاً أقوى من مسألة النصح أحياناً، ويكون هذا المسلك في نفسه نصحاً وإرشاداً.

والله أعلم.