للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم قراءة سورة يس على الميت وتوجيهه إلى القبلة]

السؤال

ذُكر في كتاب فقه السنة في أحكام الجنائز جواز قراءة سورة يس على الموتى، وتوجيه الميت إلى القبلة، فما الرأي؟

الجواب

أما قراءة سورة يس على الموتى فلا يثبت فيها أي خبر عن رسول الله صلى عليه وسلم، ولم يثبت في فضل سورة يس أي حديث، إنما شأنها شأن سائر سور القرآن، كما في الحديث: (من قرأ حرفاً فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها) ، إلى غير ذلك من الفضائل.

أما توجيه المحتضر إلى القبلة، فجمهور الفقهاء على مشروعية توجيه المحتضر إلى القبلة، وبعض أهل العلم الأفاضل كالشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى يعد هذا من بدع الجنائز في كتابه أحكام الجنائز، فكأن الأخ السائل سأل السؤال من أجل هذا، فالشيخ ناصر رحمه الله تعالى استدل بأثر -على ما يحضرني- لـ سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، وأنه جيء به كيما يوجه إلى القبلة أثناء احتضاره، فقال: أو كنت على غير القبلة قبل ذلك؟ فكأن سعيداً ما أقر على أن يوجه إلى القبلة، فاعتبر الشيخ ناصر التوجيه إلى القبلة بدعة.

أما الجمهور الذين ذهبوا إلى مشروعية توجيه المحتضر إلى القبلة، بل نقل بعضهم الإجماع على مشروعية ذلك واستحبابه كـ النووي، إلا أنه استثنى سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، فمن حججهم أحاديث يرى البعض أنها حسنة بمجموع الطرق، كما في قصة البراء بن معرور أنه أوصى أن يوجه إلى القبلة عند موته، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أصاب الفطرة) ، وهو حديث قابل للأخذ والرد من ناحية الصحة والضعف، فالأمر فيه محتمل إذ له شاهد يجعله عند بعض العلماء يُحسَّن، ومن العلماء من يبقيه في حيز الضعف.

لكن ورد أيضاً عن عطاء: (أنه سُئل عن توجيه المحتضر إلى القبلة، فقال: سبحان الله! وهل يترك ذلك أحد من المسلمين؟ قد كنا نأتي بالميت نوجهه إلى القبلة، فإذا لم نستطع توجيهه إلى القبلة أدرنا السرير كله إلى القبلة) ، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وعبد الرزاق في المصنف، وأسانيده صحيحة.

فالأمر في المسألة واسع؛ لكن رأي الجمهور هو التوجيه إلى القبلة، ولا ينبغي أن المسائل التي حدث فيها اختلاف بين أهل العلم نتيجة اختلافهم في تحسين حديث أو تضعيفه أن يحكم على الرأي الآخر بالتبديع، والله سبحانه وتعالى أعلم.