للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث.]

{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} ، آية تحمل كل معاني التهديد، فالذي يقول: {ذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} ، هو الله، والمعنى: اتركني مع هذا المكذب، كما في قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر:١١] هنا يقول سبحانه: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [القلم:٤٤] قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي -أي: يؤخر- للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم تلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود:١٠٢-١٠٣] وفي الحديث الذي نوزع في تصحيحه: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه؛ فإنما ذلك منه استدراج) {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} ، أي: سنرفعهم درجة درجة إلى الخير في ظنهم وفي زعمهم {مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ} [القلم:٤٤-٤٥] أي: أؤخر لهم {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم:٤٥] وفقنا الله لما يحب ويرضى، والسلام عليكم