للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وذرني والمكذبين.]

قال الله: {وَذَرْنِي} [المزمل:١١] أي: اتركني، وهو على سبيل التهديد للمشركين، {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ} [المزمل:١١] ، الواو هنا بمعنى: مع، أي: ذرني مع المكذبين أي: اتركني مع هؤلاء المكذبين لأنتقم منهم، كما في قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر:١١] ، {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [القلم:٤٤] ، قال تعالى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ} [المزمل:١١] أي: المنعمون المترفون، فهم أعداء الرسل في الغالب، أهل الترف في الغالب -إلا من رحم الله- يطغيهم ترفهم، كما قال الله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ} [الشورى:٢٧] ، فالأغنياء والأثرياء والمنعمون في الغالب هم أهل الشر والفساد، {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء:١٦] ، {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ} [الأعراف:٦٠] ، والملأ: هم المستكبرون، فرب العزة يقول: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ} [المزمل:١١] ، المنعمون في دنياهم، {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} [المزمل:١١] : اصبر عليهم قليلاً {إِنَّ لَدَيْنَا} [المزمل:١٢] أي: عندنا {أَنكَالًا} [المزمل:١٢] أي: قيوداً، {وَجَحِيمًا} [المزمل:١٢] ، أي: ناراً.

{وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} [المزمل:١٣] ، ذا غصة: يقف في الحلق لا ينزل، كالضريع والزقوم، يقف في الحلق ولا يصل إلى الجوف، فلا يستطيع بلعه، ولا يستطيع إخراجه.

{وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل:١٣] أي: مؤلماً موجعاً.