للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذم البخل في الكتاب والسنة]

قال الله: {الَّذِينَ يَبْخَلُون} [النساء:٣٧] البخل أنواع: النوع الأول: بخل بالزكوات المفروضة؛ فالذي يبخل بالزكاة المفروضة عليه في ماله يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (من آتاه الله مالاً ولم يؤد زكاته؛ مثّل له يوم القيامة شجاع أقرع يتبعه وهو يفر منه فيلتفت إليه فإذا هو يتبعه، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا كنزك أنا مالك، وهو يفر منه ولا يستطيع الفرار، ثم يمد يده إليه فيقضمها كما يقضم الفحل) يعني: ثعبان عظيم يتبع مانع الزكاة، ويجري خلفه ويلاحقه ويطارده، وهو يقول: من أنت؟ فيقول: أنا مالك أنا كنزك، حتى يعطيه يده فيقضمها كما يقضمها الفحل، عياذاً بالله.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته صفحت له صفائح من نار فيكوى بها وجهه وجبينه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم ينظر بعد ذلك مقعده من الجنة أو مقعده من النار) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: (ما من صاحب إبل لم يؤد زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر؛ فتطؤه بأخفافها وقرونها وأظلافها، فإذا مرت عليه أولاها مر أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم ينظر بعد ذلك مقعده من الجنة أو مقعده من النار) ، هذا بالنسبة للبخل بالزكاة المفروضة.

النوع الثاني: البخل بالصدقات؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم تطلع عليه الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) ، يعني: يدعو على الممسك بأن يتلف الله عز وجل أمواله.

وهناك صور أخرى للبخل: كالبخل بالسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أبخل الناس من بخل بالسلام) لأن السلام لن يكلفك شيئاً.

ومنه: البخل بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، قال عليه الصلاة والسلام: (البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي) وجاء بنوا عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من سيدكم يا بني عمرو؟ قالوا: الجد بن قيس على أننا نبخله يا رسول الله، قال: وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم فلان) ، ووصف لهم سيداً آخر ليس ببخيل.

قال الله: ((الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ)) .

أي: لا يقف بخلهم على أنفسهم بل {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:٣٧] وقوله: {وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} : محتمل أنهم يكفرون بنعم الله عليهم، أو يخفون نعم الله عن الفقراء، كما تواطأ أصحاب الجنة الذين ذكروا في سورة القلم: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم:١٧-١٨] ، فإظهار نعم الله يطلب أحياناً، فمثلاً: من حق الإبل أن تحلب في المكان الذي تشرب فيه الإبل الماء، ويعطى للفقير وللمسكين من لبنها.