للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (متكئين فيها على الأرائك.]

{مُتَّكِئِينَ فِيهَا} [الإنسان:١٣] الاتكاء: الميل بأحد الشقين {عَلَى الأَرَائِكِ} [الإنسان:١٣] ، وهي الأسرة في الحجال، السرير في غرفة وعليه أشبه ما يكون بالناموسية {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا} أي: ليس فيها شمس، (وَلا زَمْهَرِيرًا) أي: برداً ولا قمراً كذلك، فليس في الآخرة شمس ولا قمر، إنما الشمس والقمر كما قال عليه الصلاة والسلام: (الشمس والقمر مكوران يوم القيامة) ، قال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير:١] ، وفي رواية خارج الصحيح: (الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة) .

فقوله: {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا} أي: ولا ما يتبعها من الحرارة (وَلا زَمْهَرِيرًا) أي: لا برداً ولا قمراً، إنما هي مضيئة من نفسها ومنيرة من بذاتها من عند الله سبحانه وتعالى.

{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا} [الإنسان:١٤] أي: قريبة الظلال منهم، {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} ذللت القطوف أي: تدنو منهم من الثمار إذا أرادوها، فتأتيهم ذليلة إلى أيديهم حتى يقطفوها، فلا يتكلفون القيام لقطف الثمار، ولا يتكلفون تسلق الأشجار لقطف الثمار، بل: {دَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان:١٤] .

يقول الله سبحانه وتعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} [الإنسان:١٥-١٦] ، ما المراد بقوله تعالى: {قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} ؟ من أهل العلم من قال: يوضع الماء أو الشراب في القارورة على قدر حاجة الشارب فقط، لا يزيد ولا ينقص، يعني: قدر الشراب على قدر حاجة الشارب فلا يتبقى في الكوب شيء، ولا يحتاج بعد شربه إلى شيء.

قال الله سبحانه وتعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} [الإنسان:١٧-١٨] الكلام أيضاً على الأبرار أنهم يشربون من كأس كان خليطها زنجبيلاً، {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} .