للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شراء أهل الكتاب للضلالة وتمنيهم إضلال المسلمين]

قال الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء:٤٤] .

المراد بالذين أوتوا نصيباً من الكتاب قيل: إنهم -بالدرجة الأولى- اليهود، ثم النصارى، اليهود كانوا مكدسين في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما النصارى لم يكن منهم في المدينة إلا عدد قليل.

فقوله: {يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ} [النساء:٤٤] أي: بالهدى، وشراء الضلالة بالهدى له صور متعددة.

منها: كتمان الحق مقابل المال.

ومنها: كتمان الحق لرياسة ووجاهة.

ومنها: كتمان الحق لحسد إلى غير ذلك.

والضلالة هي: الكفر والغواية.

وقوله: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء:٤٤] هذه الآية تفيد أن اليهود يريدون لأهل الإسلام أن يضلوا السبيل، وأن يكفروا صراحة، فإن قال قائل: ليس لليهود والأمريكان هم يوى المال، وكل الكفرة ليس لهم هم إلا الثروات فهذا قول كذب، من قال به فهو مخطئ؛ لأن الله صرح: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:٨٩] {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:٢٧] ، وكذا الزانية تحب أن تزني النساء كلهن حتى يشاركنها في الفضيحة، والسارق يحب أن يسرق الناس كلهم حتى يكونوا كلهم سرق ولا يمتاز عليهم ولا تفضح بينهم، فاليهود والكفار كذلك: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:٨٩] {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران:١١٨] أي: ودوا عنتكم.

قال الله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء:٤٤] (تضلوا السبيل) أي: تخطئوا طريق الحق.

قال الله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ} [النساء:٤٥] ، أي: ينبئكم بأخبارهم، ويذكركم بهم، فلا يغرنكم ولا يخدعنكم رجل يقول: هم أصحابنا وأصدقاؤنا، ولا يريدون إلا السلام! وغير ذلك من الكذب؛ لأن الله أصدق القائلين يقول: ((وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ)) [النساء:٤٥] يبين لكم مقاصدهم، وهو أعلم بهم، فإن كان الكافر في الظاهر لا يكن لك العدواة فإن ربك علمك فقال: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:١١٨] أي: إن كنتم تفهمون.