للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (إنه لقول رسول كريم.]

{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير:١٩] : من هو هذا الرسول الكريم؟ جماهير المفسرين على أن المراد به: جبريل صلى الله عليه وسلم، وسياق الآيات يدل على ذلك، {ذِي قُوَّةٍ} [التكوير:٢٠] : أي: جبريل قوي، {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:٢٠] : له مكانة عند الله سبحانه وتعالى.

فجبريل ذو قوة، قال الله سبحانه وتعالى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم:٦] ، فالمرة هي: القوة، كما في حديث: (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي) ، فهو ذو قوة وذو مرة، وجبريل صلى الله عليه وسلم له ستمائة جناح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت جبريل على صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح) ، وتقدمت نماذج من قوة جبريل صلى الله عليه وسلم.

{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} : أي: له مكانة عند الله سبحانه وتعالى، والله يقول: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:١٩-٢٠] يعني: له مكانة عند الله، والدليل على أن لجبريل مكانةً عند الله سبحانه وتعالى: قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوَّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * {مَنْ كَانَ عَدُوَّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:٩٧-٩٨] ثم نص على جبريل {وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٩٨] .

ومن الأدلة على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -كما في الصحيحين-: (إذا أحب الله عبداً نادى جبريلَ: يا جبريل! إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريلُ: يا أهل السماء! إن الله يحب فلاناً فأحبوه) وهذا يدل على مكانة جبريل صلى الله عليه وسلم عند الله عزَّ وجلَّ.

{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} قال الله: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:٧٥] ، فـ {مَكِينٍ} أي: ذو مكانة.

{مُطَاعٍ} : في الملأ الأعلى، تطيعه الملائكة.

{مُطَاعٍ ثَمَّ} أي: مطاع هناك.

{ثَمَّ} أي: هناك.

(مُطَاعٍ ثَمَّ) أي: جبريل -عليه الصلاة والسلام- مطاع في الملأ الأعلى، تطيعه الملائكة، كما في الحديث أنه يقول: (إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فتحبه الملائكة) .

{أَمِينٍ} [التكوير:٢١] : أمين على الوحي، لا كما يقول الشيعة السفلة القذَرة: إن جبريل خان ونزل بالرسالة على محمد عليه الصلاة والسلام، وكان اللائق أن تنزل على علي، ويضربون خدودهم ويشقون جيوبهم قائلين: خان الأمين، خان الأمين، وإنه لعجبٌ أن يوصف الأمين بأنه خائن! كيف يلتئم هذا؟! فرب العزة يقول: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:١٩٣-١٩٥] ، فمن خزعبلات الشيعة هذه المقولات الكاذبة التي لا تروج إلا على سفيه مثلهم.

واعلموا أن الشيعة يمارسون أعمالهم في أوساط ضالة، مثل جماعة التكفير والهجرة التي لا تقر بتراث السلف وتقول: الصحابة رجال ونحن رجال، فيعبثون بهم كما شاءوا، أو يبثون أفكارهم في اليساريين الذين يطعنون في الكتاب والسنة أصلاً، إذ هم أهل شك وزندقة مثلهم، وهذا الصنف الثاني يسمونهم الثوريين، والشيعة تحمل شعار الثورة، أو في الأوساط المتصوفة.

وهذه خطط أعمالهم، فيعملون في ثلاثة أوساط: الوسط الصوفي، تحت ستار محبة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الوسط البدعي الذي لا يقر بالتراث ولا يقر بـ البخاري ولا بـ مسلم، ويقول: نحن رجال والصحابة رجال، وينزل نفسه منزلة الصحابة، وهم أوساط التكفير والهجرة.

الوسط اليساري الشيوعي الذي تتبناه جريدة: روز اليوسف، ونحوها، فمثل هذه الأوساط يعبث فيها الشيعة.

قال سبحانه وتعالى: (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين} [التكوير:٢٠-٢١] وأمين على الوحي، كما قال الله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:١٩٣-١٩٥] وقال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل:١٠٢] فالقرآن محفوظ، نزل به أمين -وهو جبريل- على أمين وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو لا يشبه الباطل، ولا يستطيع الشيطان المساس به، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} [فصلت:٤١-٤٢] أي: الشيطان على قول، {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢] ، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] .