للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أعمال اليهود الخبيثة]

إذاً: قال الله:: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء:٤٦] قوله: (من) للتبعيض، فليس كل الذين هادوا يحرفون الكلم، بل كبراؤهم وأصحاب الرأي فيهم هم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه.

{وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [النساء:٤٦] هذا قولهم.

أي: سامعون وعاصون لك، قال الله لهم: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة:٥٨] فقالوا: حبة في شعرة! وقال الله لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [الأعراف:١٦١] فدخلوا يزحفون على أسفلهم، فيزحف الواحد منهم على استه عناداً لله ولرسل الله عليهم الصلاة والسلام!! : {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة:٥٨] أي: يا رب! حط عنا خطايانا، فقالوا كلمة: (حبة في شعرة) ! وآخر يقول: (حنطة!) يعني: حبة السوداء، قصدهم التحريف عن عمد، ثم يقولون مع التحريف: سمعنا وعصينا، سمعنا قولك وخالفنا أمرك وعصيناك، فهذا شأن اليهود!! وقوله: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} [النساء:٤٦] لأهل العلم فيها أقوال: أشهرها: واسمع لا سمّعك الله، يعني: يدعون على الرسول ألا يسمعه الله! والقول الآخر: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} أي: اسمع فنحن لن نستمع إلى قولك.

{وَرَاعِنَا} [النساء:٤٦] يقصدون بقولهم: وراعنا.

الرعونة وهي: الطيش وخفة العقل، وفي الظاهر يخرجونها بلفظ مهذب، لكن يقصدون بها الرعونة، ويظهرون أنهم يريدون براعنا: أن ينظر إليهم.

{وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} [النساء:٤٦] يلوون الكلام بألسنتهم، فيظهرون للمستمع إليهم معنى ويريدون معنى آخر، كما جاء اليهود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعائشة رضي الله عنها بجواره وكانت ذكية نبيهة فطنة، فسمعتهم يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: السام عليك يا محمد! يعني: الموت والهلاك عليك يا محمد! فغضبت وقالت: وعليكم السام واللعنة! وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (وعليكم.

فقالت: يا رسول الله! إنهم يقولون: السام عليك يا محمد! فقال: يا عائشة إنه يجاب لنا فيهم، ولا يجاب لهم فينا وقد قلت: وعليكم، وإن الله لا يحب الفاحش البذيء) أو كما قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

{لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النساء:٤٦] كأهل الإيمان الذين قالوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:٢٨٥] .

قال الله: {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} [النساء:٤٦] أي: أعدل وأنفع.

{وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} [النساء:٤٦] أي: كفرهم كان سبباً في إحلال لعنة الله عليهم فلم يوفقوا إلى خير.

{فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:٤٦] أي: لا يصدقون إلا بالشيء القليل، أو لا يؤمن منهم إلا النفر القليل.