للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفقير أشد فاقة من المسكين]

فإذا أردت أن تتصدق فتحرى الأحوج وأعطه المال، حتى يعظم لك الأجر عند الله سبحانه وتعالى وتأخذ أجرك مستوفياً.

هل هناك فرق بين المسكين والفقير؟ الجمهور يقولون: الفقير أشد من المسكين، واستدلوا بقوله تعالى: {وأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف:٧٩] ، وقالوا: المسكين يجد شيئاً، ولكن الشيء لا يكفيه، هذا رأي الجمهور، واعترض على هذا الرأي بأن الله قال: (مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) وهنا المسكين ليس له أي شيء، وجمع بين الأقوال بأن قيل: إن اصطلاح المسكين والفقير قد يأخذ كل منهما معنى الآخر، إذا افترقا اجتمعا، يعني: إذا جاء المسكين في سياق ليس معه الفقير يأخذ معنى المسكين والفقير، وإذا جاء ومعه الفقير في سياق واحد، يكون الفقير أقل حاجة من المسكين، فهنا المسكين جاء في السياق وحده، لم يرد معه ذكر للفقير، فأخذ معنى الفقير والمسكين، وهو كاصطلاح البر والتقوى، فالبر إذا جاء منفرداً أخذ معه معنى التقوى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:١٧٧] ، فالبر أخذ معنى التقوى في بعض الأعمال.