للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (ووجدك ضالاً فهدى)

قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:٧] ، وهل كان الرسول عليه الصلاة والسلام ضالاً؟ فمن العلماء من قال: إنه قد ضل في شعب من شعاب مكة، وهو صغير، وكاد يهلك، فرده الله إلى أهله سالماً.

ومن العلماء من قال: إنه كان ضالاً عن الحق، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى:٥٢] ، وقال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف:٣] ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا القرآن غافلاً، وقد جاء في مستدرك الحاكم بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم انطلق هو وزيد بن حارثة إلى زيد بن عمرو بن نفيل قبل أن يبعث الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان زيد بن عمرو بن نفيل موحداً من الموحدين، ومسلماً من المسلمين، اعتنق ملة الحنيف إبراهيم صلى الله عليه وسلم، كما تقدم أن: زيد بن عمرو بن نفيل ذهب إلى اليهود وقال: يا معشر اليهود! أريد أن أدخل في دينكم، قالوا: لن تدخل في ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله، قال: أعوذ بالله من غضب الله، والله! لا أحمل من غضب الله شيئاً أبداً، إنما فررت من غضب الله، هل عندكم شيء آخر؟ قالوا: لا، إلا أن تكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قالوا: ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

فانطلق إلى النصارى وقال: يا معشر النصارى! أريد أن أدخل في دينكم، قالوا: لن تدخل في ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: لا والله! ما أحمل شيئاً أبداً من لعنة الله، هل عندكم شيء آخر؟ قالوا: لا، إلا أن تكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قالوا: ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فخرج يقول: أشهدكم إني على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وسلك سبيل المحسنين، فكان يمنع أن توأد البنات، وبه يفتخر الفرزدق ويقول: وجدي الذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يوأد فالشاهد: أن الرسول صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة انطلقا إلى زيد بن عمرو بن نفيل فقربا إليه لحم شاة، فقال لهما زيد: إني لا آكل من لحومكم التي تذبحونها على أنصابكم.

فالشاهد أن من العلماء من يقول: كان ضالاً عن طريق الهداية وعن القرآن لهذه النصوص.

{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:٧] ، والضلال: الذهاب عن القصد، وقد تقدم القول فيه: ألم تسأل فتخبرك الديار عن الحي المضلل أين ساروا