للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فما يكذبك بعد بالدين)]

قال تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} [التين:٧] ، أي: فما يكذبك بعد هذا الذي ذكرناه لك ما يكذبك بعد هذا البيان الذي بيناه بالجزاء والحساب، أي: من هو هذا الإنسان الذي يكذبك بعد أن بيّنا هذا البيان بالجزاء وبالحساب؟ فإننا قد خلقناك أيها الإنسان في أحسن صورة وأعدل قوام، كما قال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:٥٤] ، بعد هذا كله، وبعد هذا التسلسل في الخلق؛ فنحن قادرون على إعادة الخلق ما دمنا قد بيّنا لك أن الإنسان هذه حاله، فلابد وأن نعيده مرةً ثانية، وقد استدل على البعث بجملة أمور، منها: تطور الإنسان في الخلق، ومنها: خروج النبات من الأرض، واشتداد عوده، ثم تمايله وسقوطه بعد ذلك، فكل هذه أدلة يثبت بها البعث، أو يستدل بها على البعث.

وثم قولٌ آخر في تفسير قوله: (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) ، أي: ما هو الحامل لك أيها الإنسان على التكذيب بالدين وقد بيّنا لك حالك وما ستصير إليه؟ ما هو الحامل لك بعد هذا البيان على التكذيب بالدين؟ أي: بالجزاء والحساب.

فقوله سبحانه: (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ) فيه قولان: أحدهما: أن الخطاب لرسول الله أي: فمن يكذبك بعد هذا البيان الذي بيّناه لك يا محمد؟! ومن يستطيع أن يكذبك في أن هناك بعثاً وجزاءً؟! والثاني: أن الخطاب للإنسان أي: فما الحامل لك أيها الإنسان على التكذيب بالدين؟ وما هو الذي يحملك على أن تكذب بالجزاء والحساب؟