للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل ليلة القدر]

قال تعالى: ((فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) ، ما معنى القدر؟ من العلماء من قال: إن القدر معناه: الحكم والتقدير، أي: أن الأمور تقدر فيها، والأحكام تصدر فيها، وشاهد هذا القول: قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:٣-٤] ، وقالوا: إن أعمال السنة وأقدار السنة تكتب في هذه الليلة وتحكم في هذه الليلة.

ومن أهل العلم من قال: إن المراد بالقدر: الشرف والمنزلة، كما تقول: فلانٌ من الناس ذو قدر، أي: ذو مكانة وذو وجاهة وذو منزلة.

وثم معنىً ثالث لكنه منبوذ، ألا وهو أن المراد بالقدر: الضيق، ومنه قوله تعالى: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ} [الفجر:١٥-١٦] ، أي: فضيق، ونحو قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الإسراء:٣٠] ، أي: يضيق، فقالوا: سميت بذلك لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرة نزولهم في هذه الليلة، وعلى هذا ففي المراد بالقدر ثلاثة أقوال: القول الأول: أن القدر هو: الحكم والتقدير، أي: تقدير الأمور وإنزال الأحكام.

القول الثاني: أن القدر هو المنزلة والشرف، كما يقال: فلانٌ ذو قدر.

القول الثالث: أن القدر هو: الضيق، فتضيق الأماكن بالملائكة عند نزولهم من السماء إلى الأرض.