للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (حتى مطلع الفجر)]

قال تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:٥] ، أي: هذه الليلة تنتهي بطلوع الفجر، وهل هذه الليلة فيها استتباع، أي: هل يتبعها اليوم الذي بعدها أو اليوم الذي قبلها؟ لم يرد شيءٌ في ذلك عن رسول الله، والاستتباع كيوم عرفة، فإنه تتبعه الليلة التي بعده، فمثلاً: الرسول صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات إلى أن غربت الشمس، وبعد أن غربت الشمس بدأ في الإفاضة إلى مزدلفة، لكن هب أن شخصاً جاء ووصل إلى عرفات في منتصف الليلة التي انطلق فيها الرسول إلى مزدلفة، والرسول ذهب إلى مزدلفة بعد غروب الشمس، فلو جاء شخص بعد خروج الرسول بست ساعات أو بسبع ساعات ووقف بعرفات، فوقوفه بعرفات صحيح إذا أدرك مزدلفة قبل الفجر، فيوم عرفة تتبعه الليلة التي بعده؛ لأن عروة بن مضرس قال: يا رسول الله! أتعبت نفسي، وأكللت راحلتي، وما تركت جبلاً إلا وقفت عليه؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من شهد معنا صلاة الفجر بمزدلفة، وكان قبل ذلك وقف ساعة من ليل أو نهار بعرفات، فقد أتم حجه، وقضى تفثه، وأتم نسكه) ، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، لكن ليلة القدر ليس فيها استتباع؛ لأن الآية قطعت ذلك بقوله تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ، لكن هل اليوم الذي قبلها يدخل فيها؟ ليس في هذا خبرٌ عن النبي عليه الصلاة والسلام.