للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر قصة أصحاب الفيل]

أما قصة أصحاب الفيل فإنها لم ترد بسند صحيح لذاته، أي: ليس هناك نص صريح إسناده صحيح لذاته يثبت حادثة الفيل بالتفصيل المعهود، لكن كتاب الله أثبتها إجمالاً، وجاءت الإشارة إليها في بعض الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء عام الفتح، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما جاء يدخل مكة عام الفتح امتنعت ناقته من الدخول، فقال الصحابة: خلأت القصواء، وامتنعت من الدخول، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل) ، يعني: أن المانع الذي منع الفيل من دخول مكة هو الذي منع القصواء من دخول مكة.

وجاءت جملة أخبار وأحاديث منقطعة ذكرها الطبري رحمه الله، وذكرها ابن إسحاق كذلك في سيرته تفيد أو تذكر تفصيلاً للذي حدث في هذا العام، ولأنها منقطعة؛ نأخذ منها المضمون فقط الذي أيده كتاب الله وأيدته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالحاصل من القصص التي أوردوها في هذا الشأن: أن أبرهة الأشرم وكان من ملوك اليمن، وكان قبل ذلك من الأحباش، وكانت اليمن خاضعة للأحباش، وكان نصرانياً، قال القرطبي: عزم أبرهة على هدم الكعبة ونقل وجهة الحجيج إلى بلاده بدلاً من اتجاه الحجيج إلى مكة؛ حسداً من عند نفسه وانتقاماً وثأراً لبعض شيء أصابه وأصاب بلاده من بعض العرب.

فعزم على الرحيل لتدمير البيت الحرام ونقل وجهة العباد إلى بلاده، فكان ما ذكره الله سبحانه وتعالى أنه لما اتجه إلى مكة وقبل أن يدخلها أرسل إلى عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن سلب منه النعم وسلب الإبل من سائر القرشيين، فجاءه عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعطفه برد الإبل إليه، بينما أصر أبرهة على هدم الكعبة، فخرج عبد المطلب يدعو ربه سبحانه وتعالى الانتقام من هذا الرجل، فأرسلت الطير الأبابيل التي ذكرها الله في كتابه.

هذا بإيجاز شديد؛ لأن القصص لا يثبت لها إسناد، إنما هي مقاطيع وبلاغات وروايات معضلة.

وقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل:١] هل هو فيل واحد أم فيلة؟ أكثر أهل العلم على أنها مجموعة من الأفيال، ولم تكن فيلاً واحداً، ولكن أفرد الفيل وأريد به أعظم هذه الأفيال وهو الفيل الذي جندوه لسحب وتدمير الكعبة، ومن العلماء من قال: إنه اسم جنس.

{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل:٢] أي: جعل الله تكبرهم ومكرهم في إبطال وضياع.

قوله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل:٣] الأبابيل: الجماعات الكثيرة المتتابعة.