للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (لم يلد)]

{لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص:٣] : أي: ليس له ولد سبحانه، وهذه أيضاً تفارق بها اليهود والنصارى، وتفارق بها طوائف من مشركي جزيرة العرب، فاليهود يقولون: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة:٣٠] ، والنصارى يقولون: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة:٣٠] ، ومشركو جزيرة العرب يقولون: إن الملائكة بنات الله، فبقولك: {لَمْ يَلِدْ} فارقتَ كل هؤلاء.

وقد جاءت الأدلة في كتاب الله متكاثرة ومتضافرة تؤيد هذا المعنى، وهذا لا شك فيه: قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَاً * قَيِّماً لِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف:١-٥] .

وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدَّاً * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدَّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} [مريم:٨٨-٩١] .

وقال تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الزمر:٤] .

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف:٨١] .

والآيات في هذا الباب لا تحصى، ولا أحدٌ أصبر -على أذىً سمعَه- من الله، يدَّعون له الولد وهو يرزقهم ويعافيهم سبحانه وتعالى.

فالذي يقول: إن لله ولداً، مشرك، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:٣٠-٣١] .