للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم زيارة النساء للمقابر]

السؤال

ما حكم زيارة النساء للمقابر وقراءة القرآن فيها؟

الجواب

الحاصل في زيارة النساء للمقابر أنها إذا لم تصاحبها بدعة أو أمر محرم فهي جائزة، أما الدليل على الجواز فقول أم المؤمنين عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (ماذا أقول إذا أتيت المقبرة يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإن إن شاء الله بكم لاحقون) ، وكذلك (مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال لها: اتقي الله واصبري) ولم يأمرها بمغادرة المقبرة.

أما المانعون فاستدلوا بحديث (لعن الله زوارات القبور) وبحديث فاطمة رضي الله عنها (أن النبي رآها مقبلة من مكان فقال: من أين أتيتي يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله! من عند آل فلان كنت أعزي إليهم ميتهم، قال: هل بلغت معهم القدي -أي: المقابر- قالت: لا.

قال: لو بلغتيها ما دخلت الجنة حتى يدخلها جد أبيكِ) فهذا الحديث الأخير بنى عليه بعض العلماء أن ذهاب النساء للمقبرة كبيرة من أكبر الكبائر، وسطروا ذلك في كتبهم، وهذا التسطير اجتهاد خاطئ، فالحديث ضعيف لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا شيء ثم إنه قرن زيارة القبور بالشرك بالله، فمن ناحية المعنى كذلك مخدوش فيه، أما حديث (لعن الله زوارات القبور) ، فوجهت إليه بعض الاتجاهات والتأويلات.

أحدها: أن الحديث ابتداء ضعيف بلفظ "زائرات"، أما لفظ زوارات فهو محمول على اللواتي يكثرن من الزيارة ويصاحبن الزيارة بالبدع.

والاتجاه الثاني: أنه منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة) .

ومما قوى قول الذين ذهبوا إلى النسخ ما صح عن أم المؤمنين عائشة عند الحاكم وغيره: (أنها أقبلت من مكان فسألها سائل من أين أتيت يا أم المؤمنين؟! قالت: من عند قبر أخي عبد الرحمن، قال لها: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم قد نهى ثم رخص لنا فيها) فهذه أم المؤمنين عائشة يصح عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لها في زيارة القبر وهي أعلم بشأن النساء من غيرها، والله سبحانه وتعالى أعلم.