للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى حاكياً عن الشيطان: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ.)

قال الله جل وعلاً: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} [النساء:١١٨-١١٩] أي: لأصرفنهم عن طريق الحق، وأبعدنهم عن طريق الصواب.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه) ، أي: على الطرقات، كأنك تسير في خط مستقيم، وعلى هذا الخط أحياء وأزقة متشعبة والشيطان يقعد عند مفترق الطرق يجتال عباد الله عن الصراط المستقيم، وفي هذا الحديث قعد له على طرق الخير يصده عنها: (قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له على باب الجهاد) ، على طريق الجهاد، ويقول: تجاهد! كيف تجاهد؟ (تجاهد! فتقتل فتنكح المرأة -امرأتك تتزوج بعدك- وتقسم الأموال، فعصاه فجاهد، ثم قعد له بطريق الهجرة، قال: تهاجر! تدع أرضك وأرض أبيك، فعصاه فهاجر، وقعد له بطريق الإسلام فقال له: تُسلم تذر دينك ودين آبائك ودين أجدادك، فعصاه فأسلم) ، فيقعد له عند كل طريق من طرق الخير، تجده مثلاً -كما قال بعض العلماء- عند طريق النفقة: إذا أردت أن تنفق أتاك وقعد لك فيصدك ويقول: تنفق! مالك يذهب، أين حض أولادك؟ وأين حض زوجتك؟ أين حض بنيك؟ فهكذا يقعد لك عند كل طريق من طرق الخير يصدك عنها، (وعند كل طريق من طرق الشر يدعوه إليها فمن عصاه فله الجنة) -أو كما قال النبي عليه الصلاة والسلام-.

يقول الشيطان: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} [النساء:١١٩] ، أي: يمنيهم أنه سيحصل لكم كذا وكذا، والأماني في الدنيا لا تنقطع.