للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تبتيك آذان الأنعام من عمل الشيطان]

قال تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ} [النساء:١١٩] أي: لأزينن لهم تبتيك أذان الأنعام؛ لأن الشيطان لا يأمر ولا ينهى في الحقيقة وإنما يشجع على فعل المعاصي ويدفع الناس إليها، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:٨٣] أي: تدفعهم إلى المعاصي دفعاً.

فقال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ} [النساء:١١٩] ، ما المراد بتبتيك آذان الأنعام؟ يأتي الرجل إلى جمل من الجمال أو ناقة من النوق بموسى -وهي الشفرة ويقال لها أيضاً: السكين- ويقطع أذن الجمل، ويقول: هذا سائب أو هذه الناقة سائبة، يعني سائبة في الصحاري لا يقربها أحد لأنها وقف على الآلهة، وهذا شرك من عمل الشيطان.

قال الله عز وجل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} [المائدة:١٠٣] ، وكل هذه الأصناف من الإبل: الوصيلة: هي التي تلد كذا وكذا.

الحام: هو الذي ينكح كذا وكذا.

البحيرة: هي التي من شأنها كذا وكذا ويسيبونها.

وأول من سيب السوائب وحرمها على الناس عمرو بن لحي الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم يجر قصبه في النار.

قال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف: (رأيت النار، ورأيت فيها عمرو بن لحي يجر قصبه) ، يعني: يجر أمعاءه في النار؛ لأنه أول من سيب السوائب.

أي: أول شخص قال: هذه سائبة، وحرم على الناس ما أحله الله لهم هو عمرو بن لحي فكانت هذه عقوبته.

وفيه دليل على أن الذي يحرم على الناس شيئاً أحله الله لهم مرتكب لجريمة، بل قد تصل هذه الجريمة إلى الكفر، والعياذ بالله، والتحليل التحريم -على وجه الخصوص- جرمٌ كبير، ولذلك فالشخص عليه أن يتحفظ -في هذا الباب- تحفظاً زائداً؛ فلا يتجرأ ويفتي بالحل والحرمة بغير برهان من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إذاً: أول من سيب السوائب هو عمرو بن لحي بوحي إبليس إليه.