للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى الشح في قوله تعالى: (وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ.)

قال سبحانه: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ} [النساء:١٢٨] : الأنفس إذا جاءت تصطلح دخلها الشح؛ لأن المصالح في الغالب يتنازل عن شيء، فعندما يأتي وقت الصلح يشح كل من المصطلحين بالشيء الذي سيتنازل عنه، فالرجل إذا جاء يصالح المرأة على ما ذكر في الآية، لتقول له المرأة: أجعلك في حل من القسمة لي وأبقى معك، فالرجل أصلاً لا يحب هذه المرأة، كأن تكون امرأة ذميمة مثلاً، أو لسانها طويل، أو تشتمه أو غير ذلك، فليس له رغبة فيها من الأصل، فإذا جاء عند الصلح يقول: إذاً: وأنا لماذا أتركها عندي، وأنفق عليها وأكسوها؟! وهي الأخرى تقول: وأنا لماذا أتنازل عن يومي، وأتنازل عن ملكي؟ هل أنا أقل من الضرة الثانية حتى أتنازل عن حقي وعن يومي؟! فيبدأ الشح يحضر الرجل ويحضر المرأة، يحضر الرجل في النفقة التي ينفقها على زوجته التي لا يرغب فيها، ويحضر للمرأة إذ تقول: لماذا بخست حقي وغيري استوفى حقه كاملاً، فكل واحد يأتي الشح إلى نفسه كي يفسد هذا الإصلاح.

فالله سبحانه وتعالى قال: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:١٢٨] يعني: خذ أنت على نفسك يا زوج وأنفق، وخذي أنتِ على نفسك يا امرأة واصبري على اليوم الذي سقط، فهذا خير من الطلاق.