للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إرسال الملك الرسول إلى يوسف]

حينئذ: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا} [يوسف:٤٥] ، أي: من الفتيين اللذين كانا مع يوسف صلى الله عليه وسلم؛ ففيه دليل على أن رؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام قد تحققت، {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف:٤٥] ، أي: تذكر بعد أمة، والأمة هي المدة الزمنية، وأحياناً تطلق الأمة على معانٍ أخر، منها: الجماعة من الناس، كما في قوله تعالى: {فوَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص:٢٣] ، وتطلق الأمة أيضاً على الملة، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون:٥٢] ، على رأي كثير من المفسرين، أي: ملتكم ملة واحدة، وتطلق الأمة كذلك على الرجل الحنيف العاقل، كما في قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل:١٢٠] ، وهنا تطلق الأمة على المدة الزمنية؛ فالكلمة الواحدة من كتاب الله تتعدد معانيها، وينبغي أن تفسر في كل سياق بالمعنى المناسب لها، وإلا حدنا عن طريق الجادة في التأويل والتعبير والبيان.

قال الله سبحانه: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} [يوسف:٤٥] ، أي: فأرسلوني إلى يوسف في السجن واسمحوا لي بزيارته، فأفاد السياق أنهم أذنوا له وأرسلوه، فانطلق قائلاً: {يُوسُفُ} [يوسف:٤٦] ، أي: يا يوسف! {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [يوسف:٤٦] ، أي: يا أيها الصديق! يا من بشرتني بالنجاة، وفيه ثناء على الشخص بين يدي الطلب منه.