للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم أخذ الأجر على إيجاد اللقطة]

قال الله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:٧٢] ، أخذ من ذلك: أن الشخص الذي وجد لقطة وأهدى إليه صاحب اللقطة شيئاً من غير مسألة ومن غير إيجاب، فلا بأس أن يقبلها، فإذا وجدت -على سبيل المثال- ألف جنيه، وجاء صاحب الألف وقال: من وجد الألف التي فقدت مني فله مني مائة، فلك أن تأخذ المائة إذا طيّب نفساً بذلك، أو أن تشترط، وليس لك أن تجبره على دفع هذه المائة، بل إن طاب خاطره بها فلا بأس؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه) ، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن اللقطة فقال: (عرفها حولاً -أي: سنة- فإذا جاء صاحبها فأدها إليه) ، ولم يقل: فخذ منه شيئاً.

فإذا أعطاك صاحب اللقطة شيئاً بنفس طيبة من غير طلب منك ولا إلزام منك له بشيء، فاقبله ولا بأس بذلك، ودليل ذلك {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:٧٢] ، أما قوله: زعيم، فمعناه: كفيل وضامن، ومنه قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ولو كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) .

فالزعيم معناها: الكفيل والضامن، فكأن المنادي ينادي ويقول: ولمن جاء بصواع الملك مكافأة، وهي: حمل بعير أزوده به، وأنا ضامن، وكفيل بذلك،: {قَالُوا تَاللَّهِ} [يوسف:٧٣] ، أي: والله! {لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ} [يوسف:٧٣] ، بل نحن قوم ضعفاء جئنا نلتمس الطعام لأهلينا وأسرنا، ولم نأت للسرقة، ولم نأت للفساد أبداً، {تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف:٧٣] .