للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحي الله لأنبيائه بأمور من الغيب]

{ذَلِكَ} [يوسف:١٠٢] ، أي: هذه الأخبار يا محمد التي قصصناها عليك، {مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} [يوسف:١٠٢] ، أمور غابت عنك لا تعلمها أنت ولا قومك، {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف:١٠٢] ، أي: لم تكن حاضراً معهم يا محمد وهم يتفقون على إلقاء يوسف في غيابة الجب، وما كنت حاضراً معهم يا محمد إذ يخططون لقتل يوسف أو طرحه أرضاً، ولكنها أمور أوحيناها إليك.

وهكذا يوحي الله إلى أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم بأمور من أمور الغيب لم يشاهدوها ولم يحضروها، وقد قال الله لنبيه في موطن آخر: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران:٤٤] ، وقال في موطن ثالث: {وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [القصص:٤٥] ، وقال تعالى: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص:٤٦] ، فهي أمور يوحيها الله إلى أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم؛ لتأييدهم في دعوتهم وتقويتهم فيما يدعون إليه.

قال تعالى: (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ) أي: حاضراً متواجداً إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون، ولكن هل بعد هذا القصص الكريم آمن القوم؟ كلا! فما آمن إلا القليل.