للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى المشكاة ووجه الشبه بين قلب المؤمن والزجاجة]

ثم قال تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ} [النور:٣٥] قال بعض العلماء: أي: في قلب المؤمن، {كَمِشْكَاةٍ} [النور:٣٥] وهي: الكوة التي في الغرفة، {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} [النور:٣٥] كأن هنا غرفة بها كوة، الكوة فيها زجاجة مصباح، الزجاجة بداخلها مصباح، وتقدم تأويل ذلك بما حاصله: أن الزجاجة هي قلب المؤمن، والمشكاة صدر المؤمن، والمصباح هو نور الإيمان الذي فيه.

وقدمنا أن الزجاجة التي شبه قلب المؤمن بها جمعت ثلاثة أوصاف: الوصف الأول: الرقة، لكونها زجاجة مصباح، وزجاج المصابيح رقيق.

والوصف الثاني: البياض، إذ هي كالكوكب.

والوصف الثالث: الصلابة، إذ هي كالدرة.

فهذه ثلاثة أوصاف وصفت بها هذه الزجاجة التي يشبهها قلب المؤمن، فقلب المؤمن قلب رقيق، قلب صلب، قلب أبيض، رقيق لأهل الإيمان وللأقارب والأرحام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأهل الجنة ثلاثة: رجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومؤمن) ، وقال سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:٢٩] ، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:١٥٩] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:٧٣] ، فقلب المؤمن لين رقيق لأهل الإيمان والأرحام، قلب صلب في الثبات على الحق، وصلب لمجابهة أهل الشرك والنفاق.

ومن صفات قلب المؤمن: أنه في الأصل قلب أبيض كزجاجة المصباح، فهي بيضاء كالكوكب.