للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأسباب الجالبة للرزق]

كيف تصبح ثرياً من الأثرياء، وغنياً من الأغنياء، بأمور ذكرها الله في كتابه وذكرها صلى الله عليه وسلم في سنته؟ احفظها بالدليل إذا أردت أن يوسع الله عليك، وكن موقناً بسعة الرزق، فالله لا يخلف الميعاد، من هذه الأمور التي بها تصبح ثرياً ويبتعد عنك شبح الفقر بإذن الله: الأول: الإكثار من الاستغفار، قال الله سبحانه: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [هود:٣] ، وقال نوح لقومه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:١٠-١٢] .

الثاني من الأمور التي بها تصبح ثرياً كبيراً من الأثرياء: الإنفاق في وجوه البر، قال سبحانه: {وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:٣٩] ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم! أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم! أعط ممسكاً تلفاً) ، وقال الله في الحديث القدسي: (ابن آدم أَنفق أُنفق عليك) .

الثالث: إذا أردت أن تصبح ثرياً صل الأرحام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه) .

الرابع: شكر نعمة الله، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:٧] .

الخامس: تقوى الله وترك المحارم، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:٢-٣] فهذه أسباب سعة الرزق، والبركة في الرزق، فافعلها تصبح ثرياً من الأثرياء فهي أسباب مضمونة.

ولكن كما هو معلوم أن الشخص إذا ذهب إلى طبيب يعالجه، فوصف لك الطبيب جرعة من الدواء، زجاجة دواء، وقال: اشربها جميعها على فترات، فإذا شربت منها ملعقة وتركت لم تشف، أما الشفاء فبإذن الله ثم بشربها كاملة، كذلك في شأن هذه الأسباب، لا تستغفر مرة أو مرتين، ولا تشكر مرة أو مرتين، ولكن واصل الذكر، وواصل الشكر، وواصل صلة الأرحام، وواصل الإنفاق على الفقراء، فكل هذه المواصلة سبب أكيد ومضمون في سعة رزق الله لك، فليعقلها من أراد لنفسه الثراء، والله سبحانه خير الرازقين.

قال تعالى: {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور:٤٣] قوله: (سنا) المراد به هنا: الضوء، {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور:٤٣] لشدته.