للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشهود في جريمة الزنا]

وقال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ} [النساء:١٥] استشهدوا أي: اطلبوا أربعة شهود، ((مِنْكُمْ)) [النساء:١٥] أي: من الرجال، وهنا تختلف الشهادات، وشهادات الأموال لها حكم، وشهادات الحدود لها حكم، وشهادات الرضاع لها حكم، فلا يكفي في شهادات الحدود إلا أربعة شهود من الرجال، شهادات الأموال: رجلان، أو رجل وامرأتان، أو شاهد ويمين، ففي صحيح مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد واليمين) ، وشهادات الرضاع يكفي فيها المرضعة إذا كانت ثقة، قال الله سبحانه: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء:١٥] .

ونوع الأذى الوارد في قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء:١٦] أي: من رجالكم في جريمة اللواط أو جريمة الزنا، {فَآذُوهُمَا} [النساء:١٦] ما هو نوع الأذى الذي يؤذيان به؟ قال المفسرون: هو التعيير والتوبيخ والتأنيب والشتم، فإن قال قائل: هل يجوز في الشرع الشتم؟ فالإجابة أن في مثل هذه المواطن التي أذن فيها الله سبحانه وتعالى يجوز فيها ذلك، والنبي قال: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار) قال الله سبحانه: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر:٤٩-٥٠] ، وقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} [الأعراف:١٧٥] إلى قوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف:١٧٦] ، وقال أبو بكر لـ عروة بن مسعود الثقفي: (اذهب فامصص بظر اللات) فإن احتيج إلى شيء من ذلك فعل في الموطن الذي أذن فيه الشارع، والله أعلم.

فالإيذاء يتمثل في التعيير والتوبيخ والتأنيب والشتم، وهذا الأذى هو دون الحد.