للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طعام وشراب أهل الجنة]

وقال تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا} [الطور:٢٢-٢٣] (كأساً) أي: كأس خمر، وإذا أطلق الكأس فالمراد به: كأس الخمر في الكتاب العزيز، {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [الطور:٢٣] ، فخمر الدنيا تجلب اللغو لشاربها، فشارب خمر الدنيا يهذي ويلغو، وكذلك يرتكب الآثام، ويقول الفحش والمنكر من القول، أما خمر الآخرة فلا يصاحبها لغو ولا إثم، وكذلك لا يصاحبها الصداع كما قال تعالى: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ} [الواقعة:١٩] .

فقوله سبحانه: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا} [الطور:٢٣] (فيها) بمعنى: معها، أي: لا يصاحب خمر الآخرة، (لغو) كخمر الدنيا، ولا يصاحبها إثم كذلك، فالجنة كما قال الله عنها: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [الواقعة:٢٥-٢٦] .

قال تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [الطور:٢٣] ، وليس المراد بالتنازع المعروف في الدنيا، إنما المراد بالتنازع هنا -والله أعلم- التناول؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف:٧١] .

قال تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور:٢٤] (غلمان) أي: خدم، {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ} [الطور:٢٤] أي: من الخدم الذين يخدمونهم، {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور:٢٤] من شدة البياض الذي هم فيه، كما قال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى: {لُؤْلُؤًا مَنثُورًا} [الإنسان:١٩] من كثرتهم كأنهم لؤلؤ رش في الجنة من شدة البياض، وكثرة الخدم.

قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الطور:٢٥] أي: أقبل أهل الجنة بعضهم إلى بعض كلٌ يسأل الآخر ويكلم الآخر، فالمراد بالتساؤل هنا التخاطب والتحادث.