للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة النبي عليه الصلاة والسلام لقومه وتكذيبهم له]

قال تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور:٢٩] ، قد تقدم حكم التذكير ومحل التذكير، فقوله تعالى: {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} [الطور:٢٩] أي: بحمد ربك، وهي جملة اعتراضية، فذكر فما أنت -بحمد الله- بكاهن ولا مجنون، كما قيل لـ علي: كيف حال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبح -بحمد الله- بارئاً.

فجملة: (بحمد الله) اعتراضية يصلح السياق بدون ذكرها، وتفهم من سياقات أخرى، فيجوز أن تقول: أصبح بارئاً، لكن إضافة بحمد لله لرد الفضل إلى الله سبحانه، فكذلك قوله تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} [الطور:٢٩] أي: بفضل الله عليك لست بكاهن ولا بمجنون، كما قال في سورة القلم: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} [القلم:١-٢] أي: بحمد الله لست بكاهن، وبحمد الله لست بمجنون.

قال سبحانه: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور:٢٩] (الكاهن) هو الذي يدعي علم الغيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً أو عرافاً لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) ، وقد ورد بلفظ: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) ، وهذا الأخير تكلم فيه بعض العلماء، قال سبحانه: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور:٢٩] أي: كما يصفك هؤلاء الواصفون.