للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الاستمناء لمن هو محاط ببيئة فيها نساء]

السؤال

لقد سمعنا في أمر العادة السرية آراءً مختلفة، فبالنسبة لشاب أعزب محاط بالفتن من النساء هل هي مباحة له أم محرمة؟

الجواب

هذه التسميات المحدثة، كالعادة السرية، ونداء إنساني، والإخوة على الساحة، -حتى الدعاة يستعملونها- هذه الألفاظ لابد أن نجل أنفسنا عنها، الألفاظ نأخذها من كتاب ربنا ومن سنة نبينا ومن سيرة سلفنا الصالح، بعض الإخوة يقول لك: الإخوة الدعاة العاملين على الساحة، ساحة ماذا؟! عبِّر بألفاظ منتقاة من كتاب الله ومن سنة رسول الله لا منتقاة من الملاعب! فالشاهد: أن العادة السرية اسمها في الشرع الاستمناء.

وبالنسبة لمسألة الاستمناء، الوارد فيها من كتاب الله ما احتج به الإمام الشافعي قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:٥-٧] ، استدل بها الإمام الشافعي على المنع؛ لأن الله قال: (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ) ترجع إلى الأزواج أو ما ملكت الأيمان (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) .

وأيضاً قال النبي: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) ما أرشد إلى هذه المسألة.

تبقى مسائل أُخَر وهي النظر في السؤال الذي ذكره الأخ خاصة، وفي الحقيقة أننا نخشى من الحديث فيه، ومن الاسترسال في الحديث فيه كما قال القرطبي رحمه الله: قد أصبحت قيلاً ويا ليتها لم تُقل، ولكن فقط من باب أن شخصاً تورط في مخالطة النساء، فالأولى له ثم الأولى أن ينقذ نفسه من التواجد في وسط النساء، وهذا من أنجح الحلول، ويعتصم بالله سبحانه وتعالى، ويكثر من الصيام، ويدعو بدعاء يوسف صلى الله عليه وسلم: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف:٣٣] ، ويتزوج ويبادر بالزواج، ولو من ثيب إلى أن يوسع الله سبحانه وتعالى عليه، ثم إن شاء أن يتزوج أخرى بعد ذلك تزوج، لكن نقول: إذا كانت هذه العملية حراماً لاستدلال الشافعي رحمه الله، وهناك حرام أعظم سيقع فيه الشخص وهو الزنا، فلا نريد أن نقول له: افعلها؛ لأنه سيفهم خطأً، وسيعيش دائماً يفعلها، ودائماً هو مع النساء، فسيعيش دائماً في معصية.

لكن القواعد الكلية للشرعية تقول باختيار أخف الضررين عند توارد الأضرار، اختر أخفها، لكن نصيحتي أن تترك المكان، وقد سُئل ابن عباس فأجاب بإجابة نحو التي ذُكِرت، قال: (هي خير من الزنا، ونكاح الإماء خير منه) ، يعني: إن لم يكن معك مال تتزوج فاشتر أمة رخيصة خير من الاستمناء، مع أن الله سبحانه أمر بالصبر عن نكاح ملك اليمين: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:٢٥] يعني: من الإماء {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ} [النساء:٢٥] إلى أن قال: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النساء:٢٥] ، يعني صبركم عن نكاح الإماء خير من إقدامكم على نكاح الإماء، لكن نقول: الثيبات الحرائر موجودات، واحدة زوجها مات، اكسب أجراً في الأيتام وفي المرأة، وعندها بيتها، وعندها أثاثها، أما إذا قالت لك أمك: يا ابني! أنت ستفضحنا تتزوج ثيب!! فقل لها: الرسول صلى الله عليه وسلم ما فضح أهله أبداً لما تزوج خديجة بنت خويلد.

وتعفَّف خير لك من أن تقع في المحرم، والله سبحانه وتعالى أعلم.