للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تكذيب ثمود بآية صالح عليه السلام]

قال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنَ الْكَذَّابُ الأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ} [القمر:٢٣-٢٧] ، والناقة قد طلبوها من نبيهم صالح صلى الله عليه وسلم، قال الله سبحانه وتعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} [الإسراء:٥٩] ، طلبت قبيلة ثمود من نبيها صالح صلى الله عليه وسلم أن يخرج لهم آية ألا وهي: أن يخرج لهم ناقة عشراء من بطن هذه الصخرة يحلبون لبنها فيكفيهم جميعاً، فدعا صالح صلى الله عليه وسلم ربه فخرجت ناقة عشراء من بطن صخرة كبيرة، خرجت ناقة لا مثيل لها في العظم وحسن الخَلْق، وتقاسمت قبيلة ثمود، ماء البئر مع هذه الناقة، يوم تشرب قبيلة ثمود ماء البئر، وفي اليوم التالي تشرب لبن الناقة، والناقة تشرب من البئر، واليوم الذي لا تشرب فيه قبيلة ثمود من البئر تشرب لبن الناقة، فتكفيهم جميعاً، فسئمت القبيلة هذا! وتمالئوا على إبعاد الناقة عن البئر، وأرادوا الاستئثار بماء البئر؛ فتمالئوا على قتل الناقة وعقرها، واتفقوا كلهم على ذلك، فقال لهم رسول الله صالح عليه الصلاة والسلام محذراً إياهم من مغبة هذا الأمر ومن مغبة الإقدام عليه: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ} [الشمس:١٣] أي: احذروا الاقتراب من ناقة الله، {وَسُقْيَاهَا} [الشمس:١٣] أي: احذروا أيضاً الاقتراب من سقياها، {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشمس:١٤] دمّر الله عليهم بيوتهم بسبب هذا الذنب، فسوى بلادهم ودمرها وأبادها، {وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس:١٥] أي: لا يخاف ربنا العقوبة من أحد، ولا عاقبة ما صنع بهم، فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في شأن هؤلاء القوم: (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) نبتليهم بها (فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ) {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر:٢٨] أي: يوم لهم ويوم للناقة {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القمر:٢٨] ، ثم قال: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ} [القمر:٢٩] دعت قبيلة ثمود رجلاً منهم وهو أشقى هذه القبيلة كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم، انبعث لها رجل شرير عارم في قومه وهو أشد الرجال منعة في قبيلة ثمود، قال المفسرون: اسمه قدار بن سالف، وحرضوه على قتل هذه الناقة، قال الله سبحانه وتعالى (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى) وللعلماء قولان في قوله تعالى: (فتعاطى) ، أحدهما: تعاطى السيف الذي طعن به الناقة، والثاني: تعاطى كأساً من الخمر قبل أن يقدم على قتلها، {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر:٢٩] أي: فأقدم على الناقة فعقرها.