للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة تردد المجرمين بين جهنم وبين الحميم الآن]

يقول الله جل ذكره: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} [الرحمن:٤٣] ، {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن:٤٤] أي: يترددون بينها وبين الحميم الآن، فيذهبون إلى جهنم يأكلون فيها من زقوم، فيملئون منها البطون، ثم يطلبون الشراب، فيذهبون إلى الحميم الآن، يذهبون إلى الماء الذي بلغ أعلى درجات الغليان، فقوله: (آن) في أصله: ناضج، ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب:٥٣] فإناه أي: نضجه واستواءه، أي: لا تنتظروا وقت استواء الطعام وتستأذنوا على رسول الله حتى ينزل الطعام وتدخلوا على الأكل مباشرة، وهذا فيه ذم للطفيليين، وفيهم كتاب مؤلف للخطيب البغدادي رحمه الله تعالى.

فقوله: (آن) أي: بلغ أعلى درجات الغليان، {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن:٤٣-٤٤] أي: يصلون حرها، ويأكلون من زقومها، ثم يتجهون إلى الشراب كي يخفف عنهم فإذا هو بالحميم الآن، الذي يقطع الأمعاء، ويشوي الوجوه قبل وصوله إلى الأفواه، كما قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف:٢٩] .