للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من يتولى الجلد]

وقوله تعالى: (فَاجْلِدُوا) ظاهر هذه الآية الكريمة: أن جميع المسلمين يقومون بجلد الزاني والزانية، وليس المراد أن يقوم كل شخص بجلد الزاني، أو جلد الزانية؛ ولكن المراد أن يقوم به المعني بذلك الأمر، كما قرر ذلك المفسرون رحمهم الله، فقالوا: إن الآية أمرت بالنص العام، والمراد بها طائفة مخصوصة، وهم الحكام وولاة الأمر.

فقوله: (فَاجْلِدُوا) المخاطب به ولي الأمر، ومن يقوم مقامه كالقاضي ونحو ذلك ممن يفوض في إقامة الحدود والقيام عليها.

ويتفرع على هذا المعنى -استنباط أن الأمر متوجه إلى الولي الذي هو معني بإقامة الحدود- أنه لو قام إنسان فجلد زانياً أمام جماعة من الناس دون سلطة شرعية لم يسقط الحد؛ لأنه ينبغي أن يكون ذلك بالحكم الشرعي المترتب على ثبوت زناه، ثم بعد ذلك يُحكم بجلده.

وقوله تعالى: (فَاجْلِدُوا) قد تقدم بيان أن الجلد إنما يكون بالسوط، والمراد ما كان من السوط وسطاً، فليس بالسوط الطري، ولا بالسوط اليابس الذي يتهشم عند الضرب به، فالمراد به كما يقول العلماء: السوط بين السوطين، أي: الذي هو وسط بين الطري واليابس الذي يتهشم عند الضرب به، وقد حُفِظَت في ذلك آثار عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم اعتبروا الوسط في السوط.

والأصل في إقامة الحد أن يحضره من كان من أهل الفضل ونحو ذلك ممن يكون على بصيرة بأحكامه، حتى يقام الحد على وجهه الشرعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>