للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدم اصطحاب الأولاد عند زيارة الأقارب بحجة فساد أبناء الأقارب]

السؤال

فضيلة الشيخ أثابكم الله، إذا كان الشخص يخاف على أولاده عند زيارة الأقارب، وذلك لسوء تربية أولادهم أو غير ذلك، فهل يعذر بعدم اصطحابهم وهل في ذلك قطيعةٌ للأرحام؟

الجواب

إذا لم تكن هذه قطيعة فلا أعلم أي شيء هي القطيعة، المشكلة أننا في بعض الأحيان نكبر الأمور أكثر مما تستحق، إذا زرت الرحم وخفت على الأولاد، اجعل أولادك بجوارك، وتقول للولد لا تذهب من جواري، تأخذ بالأسباب، أما أن تفتي نفسك بأن تقطع الرحم، وتمنع أولادك من المجيء معك حتى لا يتعلمون صلة أرحامهم، فهذا أمرٌ غير جائز؛ لأن الأبناء ينشئون لا يعرفون من هم أبناء عمهم، وقد تجد الأخوين لا يعرف الواحد منهما أولاد أخيه، بسبب ماذا؟ بسبب القطيعة، وقد تجد بعض الأخيار يفعل هذا، ومعلوم أن الخيِّر وطالب العلم، والديِّن والمستقيم قدوة، فلا ينبغي أن يكون متخلقاً بقطيعة الرحم، فلا بأس أن تأخذ أولادك وتعودهم على أن يكونوا بجوارك وأن يجلسوا معك إن كان هناك خوف عليهم، فإذا رأيتهم تفلتوا منك، وخشيت أن يتأثروا فاجلس بقدر، بحيث لا يتأثرون بأخلاق أبناء الأرحام السيئة، كأن تزورهم قبل أذان المغرب بقليل فإذا أذن اصطحبت أبناءك، واعتذرت حتى لا يشعر الرحم أنك تريد القطيعة، أو أنك متوجس من زيارته، وتتخذ الأساليب الحكيمة، ولذلك ينبغي علينا أن ننتبه لأمرين: الأمر الأول: مرضاة الله عز وجل في القيام بالحقوق.

الأمر الثاني: كسب الناس، فإنه ينبغي على الإنسان أن يهيئ كل الأسباب للقيام بحقوق الله، وكذلك كسب الناس للخير، فأنت إذا وصلت العم، أو العمة، أو الخال، وأتيت بأبنائك فسلموا على عمك، وعرفتهم بعمك، وعودتهم على حبه وإجلاله، كم لها في النفس من وقع وكم لها من أثر وهل ترضى أن أولاد أخيك لا يزورونك؟ وهل ترضى إذا كنت عماً أو خالاً أن تُعق ولا تزار، بحجة ما يكون في بيتك؟ نعم قد يكون في البيت إساءة؛ لكن تأتي بالأولاد إلى المجلس، وتعودهم على أن يكونوا بجوارك، تبذل كل ما تستطيع من الأسباب التي تحفظ أولادك، وإذا كنت تخشى أن الأولاد يتأثرون، بالإمكان أن تأمر أولادك أن يأتوا معك للسلام، ثم تأمرهم أن ينسلوا ويذهبوا خفية إلى السيارة، تتصرف، ومن أراد أن يتقي الله هيأ الله له الأسباب وسهلها عليه، لكن أن يقال: لا تجوز الزيارة، ولا يجوز أن تأخذهم معك، الله يأمر بالصلة والبر، ويقال: هذا لا يجوز! أو يجتهد الإنسان فيمنع أولاده من زيارة قرابته على هذه الصفة، حتى ينشأ أولاده لا يعرفون من هم القرابة إذا أرادوا أن يزوروا قرابتهم ليعرفوا من هم ومنعوا، فإنهم لن يتعرفوا عليهم.

وهناك حل ثانٍ ذكره بعض العلماء، كان بعض العلماء يوصي في مثل هذه المسائل، بقوله: إذا أعيتك الحيلة عند زيارتك الرحم أن تحفظ حدود الله، وغلب على ظنك وقوع المحظور، فعليك أن تقوم بدعوة الرحم لزيارتك، فإذا دعوتهم لزيارتك فبيتك خالٍ من المنكرات، وحينئذٍ تستطيع أن تحقق صلتهم وبرهم، مع أمنك من الآثار والأضرار التي تخشاها، على العموم ينبغي على الوالد والوالدة، أن يحرصا على امتثال أمر الله بالصلة، أما الطريقة والكيفية فيجتهدان قدر الاستطاعة بتحقيق ما أمر الله به من الصلة، وحفظ الأولاد ورعايتهم عن الوقوع فيما حرم الله، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>