للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إشكالية ترجمة بعض نصوص الصفات وغيرها]

وهنا إشكال آخر وهو من ناحية الترجمة، إذا ترجمت بأية لغة أخرى، هل تتركها كما هي باللفظ العربي أو تفسرها بمعنى مقابل لها في تلك اللغة؟ هذا محل محير من الناحية الفقهية، فمن العلماء من قال: تفسرها باللفظ المطابق لها في تلك اللغة، لكن هذا يعترض عليه بأن الدلالات اللغوية في كل لغة متباينة؛ لأن اللفظ الواحد قد تتعدد دلالاته من لغة إلى لغة، ويطلق على أشياء بالحقيقة وأشياء بالمجاز، وبالأخص في اللغات غير الراتبة، والعربية لغة راتبة، قليلة التغير في الدلالة، ومن هنا فإن أي طفل عربي لو أنشدته الآن: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل لأمكن أن يشرح لك هذه الكلمات، ولو سألت أي طفل إنجليزي عن معنى بيت لـ شكسبير أو أي واحد من الشعراء في القرن الماضي لما عرف منه كلمة واحدة؛ لأن اللغة تتغير دلالاتها وتختلف.

ومن هنا ففي مقام الترجمة، رأينا بعض الترجمات للقرآن تجرأ أصحابها على الله سبحانه وتعالى، وكانت تراجمهم عجيبة جداً، فأحدهم يترجم قول الله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْط} [الإسراء:٢٩] فيقول: لا تعقد يدك مع رقبتك ولا تمدها مداً شديداً حتى تنقلع! وهذا مناف لمعنى الآية تماماً، وآخر يفسر قول الله تعالى: {وَتَرى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر:٧٥] قرأها بالتخفيف وظن أنها حافين، فقال: أي: بدون نعال!!

<<  <  ج: ص:  >  >>