للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

[أجساد الأنبياء لا تبلى]

السؤال

ما معنى (أرمت) في حديث: (وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت) ؟

الجواب

الرمم: جمع رمة، والرمة تطلق على القبر، وتطلق على العظام الرميمة، أي: المتفتتة، فمن إطلاق الرمة على القبر قول توبة بن الحمير: ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ومن بين رمسينا من الأرض سبسب لظل صدى صوتي وإن كنت رمة لصوت صدى ليلى يهش ويطرب فقوله: وإن كنت رمة، معناه: قبراً، ومن ذلك ما جاء في الحديث: (وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟) ، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) .

فقولهم: (وقد أرمت) معناه: أنهم كانوا يظنون أن كل ميت تأكل الأرض جسده، ولكنه بين لهم أن الأنبياء لا يدخلون في ذلك، ومثلهم الشهداء، قد اختلف في الشهداء: هل الشهداء كلهم كذلك أو يختص هذا بمن جاء النص فيه؟ فقالت طائفة من أهل العلم: جميع الشهداء لا تأكلهم الأرض أصلاً.

وقالت طائفة: ويشمل ذلك العلماء أيضاً.

وقالت طائفة: ويشمل حملة القرآن.

وقالت طائفة: ويشمل المؤذنين، وهذا كله مبناه على التجارب، فقد جرب حصول ذلك، فبعض العلماء نبشت قبورهم بعد فترة طويلة ووجدت أجسامهم كما هي، وقد حصل هذا لشهداء أحد، فقد نبش معاوية رضي الله عنه بعضهم عندما أراد إجراء العين التي بجوار أحد إلى المدينة، فأمر بستة عشر من الأنصار من شهداء أحد فاستخرجهم، وكان ذلك بعد ست وأربعين سنة من دفنهم.

وكذلك أخرج السيل جثث أربعة شهداء من المهاجرين وهم: حمزة بن عبد المطلب، وابن أخته عبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان، ومصعب بن عمير أخرجهم السيل في عام ستمائة وأربعين من الهجرة فوجدوا كما هم، ولذلك هم اليوم في المكان المعروف وحدهم من شهداء أحد، ولا يقطع بأحد أنه من شهداء أحد غير المهاجرين الأربعة، وكل اثنين في قبر؛ لأنهم دفنوا في الستمائة وأربعين.

والله أعلم، وصلى الله عليه نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص: