للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيعة عثمان رضي الله عنه]

واستمر عثمان على ذلك حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عن عثمان راضٍ، واستمر عثمان على ذلك مع أبي بكر حتى توفي وهو عن عثمان راضٍ، واستمر عثمان على ذلك حتى طعن الفاروق رضي الله عنه، فكان عثمان واحداً من الستة الذين اختارهم عمر رضي الله عنه ليكون من بينهم الخليفة الجديد.

وبعد موت عمر قام الناس جميعاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعون عثمان رضي الله عنه؛ ليصبح عثمان خليفة المسلمين بعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً، وها هي الأيام تمر والأشهر تجري وراءها وتسحب معها السنين ليقف عثمان بن عفان -ذلكم التقي النقي الحيي- ليأخذ البيعة من المسلمين ومن المهاجرين والأنصار أصحاب نبينا المختار صلى الله عليه وسلم.

ويذكر الحافظ ابن كثير أن عثمان استهل عهده المبارك بالكتب إلى الأمراء والولاة وأئمة الصلاة وأمناء بيت المال يأمرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحثهم على الاتباع وعدم الإحداث والابتداع، ورأى عثمان بيت المال مليئاً بالخيرات، فزاد في عطاء الناس، وأمر بأن يقدم الطعام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة مستمرة دائمة للمتعبدين والمتعلمين وأبناء السبيل.

ولم يكد عثمان يستقر إلا وانتشرت الإشاعات بأن الفوضى قد نشبت في بلاد المسلمين بعد مقتل الخليفة القوي عمر! ولم يجد المسلمون إلا الخليفة الشيخ الذي هو في سن السبعين ليولوه خليفة على المسلمين! ولكن هذا الخليفة الشيخ سرى تحت إهابه شباب التاريخ، وقام ليعلم هؤلاء الموتورين: أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يقاسون بالسنين والأعمار، وأصدر عثمان الأوامر، واختار بنفسه قيادة الجيش؛ لتأديب وتقليم أظفار هؤلاء، بل ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أمرهم بأن يتجاوز المد الإسلامي هذه البقاع إلى أبعد وأبعد، وبالفعل أيها الأحباب! مهدت الأرض لهذا المد الإسلامي الجسور، وانطلق المد الإسلامي في عهد عثمان كأنه الليل والنهار، والخليفة الراشد قابع في المدينة المنورة تأتيه الغنائم والأموال بغير حساب.

ولكن لم تلبث هذه الريح الهادئة الباردة أن تتحول إلى عاصفة شديدة يشد بعضها بعضاً، وينادي بعضها بعضاً؛ لتتحول أخيراً إلى إعصار مدمر قاتل، تسقط فيه شراسة المتآمرين والمجرمين إلى الحضيض، ويتسامى تسامق الخليفة إلى القمة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>