للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ظاهرة التوازن ليست في المنهج فحسب]

التوازن والاعتدال والتميز والمفاصلة.

التوازن والاعتدال خصيصة أخرى من خصائص المنهج التربوي الإسلامي، وظاهرة التوازن والاعتدال لا تقتصر على المنهج التربوي فحسب، كلا.

بل إنها ظاهرة في الكون كله الذي أبدعته يد الله فأتقنت فيه كل شيء، ليل ونهار، توازن واعتدال، نور وظلمة، حرارة وبرودة، صيف وشتاء، ماء ويابس، قال تعالى:: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:٤٩] ، وقال جل وعلا: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:١-٤] .

واقرأ قول الله جل وعلا: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ * وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس:٣٦-٣٩] أحدب، وتربيع أول، وتربيع ثان وهلال، وبدر إلى آخره: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:٣٩-٤٠] .

لا يحيد شيء من هذه المخلوقات عن مداره أو عن حده الذي حده له خالقه جل وعلا، توازن وتناسق واعتدال ليس في المنهج التربوي الإسلامي فحسب، بل في الكون كله؛ لأن الذي قَنَّن وشرع المنهج هو الذي خلق الكون وخلق الإنسان، الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.

أقول: ظاهرة التوازن والاعتدال لا تقتصر على منهجنا التربوي، كلا.

وإنما هي ظاهرة للكون كله؛ لأن الذي خلق الكون وقنن المنهج هو الواحد جل وعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>