للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خصائص المنهج التربوي]

ثم تحدثت بعد ذلك عن خصائص هذا المنهج التربوي، وركزت الحديث عن الخصائص التالية: أولاً: أعظم خاصية يتميز بها منهجنا التربوي هي: خاصية التكامل والشمول، فإن أي منهج من صنع البشر قد يصلح لزمان ولا يصلح لآخر، وقد يصلح لمكان ولا يصلح لآخر، وقد يصلح لطائفة من الناس ولا يصلح لأخرى، أما منهج الله فهو الصالح لكل زمان ولكل مكان ولكل الخلق؛ لأن واضعه هو خالق الإنسان {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤] .

الخاصية الثانية من خصائص المنهج التربوي هي: التوازن والاعتدال، فإننا لا نجد منهجاً جمع بين الدنيا والآخرة، وبين الدين والدنيا كما جمع بينهما منهج الله تبارك وتعالى، ومنهج المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

أما إن نظرت إلى مناهج الدنيا التي وضعها البشر فإنك سترى منهجاً يركز في الجانب المادي، ويغفل عن الجانب الروحي، أو العكس، أما منهج الله فقد جمع بين التوازن وبين الاعتدال في آن واحد.

الخاصية الثالثة التي يتميز بها منهجنا التربوي هي: خاصية التميز والمفاصلة، أعني: قضية الولاء والبراء التي تميعت، وهذا مع حسن ظني، ولا أكون مغالياً إن قلت: التي ضاعت وتلاشت عند كثير من المسلمين إلا من رحم ربك جل وعلا، فأصبحنا نرى من أبنائنا وإخواننا من يوالي أعداء الله ويعادي أولياء الله! وإنا لله وإنا إليه راجعون.

فالمنهج التربوي منهج متميز، منهج متفاصل، لا يلتقي فيه الكفر مع الإيمان، ولا يلتقي فيه الحق مع الباطل، وإن المجاملة على حساب المنهج الحق تفرق ولا تجمع، فلابد من التميز، لابد من المفاصلة، بل كانت هذه من أولى الخطوات التي فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم ليربي أعظم جيل عرفته الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها -في مجموعه- بلا منازع على الإطلاق، تميز بهذا الرعيل الأول، حيث فاصل به بيئة الكفر وبيئة الشرك التي ترعرع بين تربتها وجدرانها، فلما تميز الرسول صلى الله عليه وسلم بمنهجه بفكره بأخلاقه بسلوكه بتصوره الاعتقادي بتصوره الاجتماعي بتصوره الأخلاقي؛ أحس المجتمع الشركي بأن نبتة طيبة ذات رائحة زكية عطرة بدأت تنبت في هذه البيئة، ولن يحس المجتمع بهذا التميز والتفاصل إلا إذا تميز أهل الحق، وفاصلوا كل البيئة الكفرية، وكل أهل الضلال.

يجب عليك -أيها المسلم- أن توالي من والى الله ورسوله والمؤمنين، وأن تعادي من عادى الله ورسوله والمؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>