للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حق الفراش]

أيضاً من حقوق الزوجة على زوجها: حق الفراش، وأود أن أؤصل أيضاً لأخواتي الفضليات أننا لا نستحيي من لفظة ذكرها من كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فنحن نذكرها بدون أدنى حياء أو خجل أو وجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، فحق الفراش من أعظم حقوق الزوجة على الزوج، وكثير من الأزواج يضيع هذا الحق، وأنا أنكر عليه، وإن كان معذوراً بمرض، فأسأل الله عز وجل أن يشفي مرضى المسلمين، لكن هذا الزوج الذي يضيع هذا الحق الكبير لامرأته ويذر المرأة كالمعلقة، ولا يفكر في هذا الحق، في الوقت الذي لو أراد أو طلب امرأته للفراش وأبت عليه يغضب أشد الغضب، وهو حق من حقوقه أيضاً بلا شك كما سنبين إن شاء الله تعالى في اللقاء المقبل في حق الزوج على زوجته، لكن من علمائنا من يرى أنه يجب على الزوج أن يأتي زوجته في الفراش في كل طهر مرة، وهذا على أقل تقدير، وذهب إلى ذلك الإمام ابن حزم وفهمه من قوله عز وجل: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:٢٢٢] وهذا أمر صريح في كتاب ربنا: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) فالله جل وعلا يأمر كل زوج بقوله: (فإذا تطهرن) ، يعني: الزوجات (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) ، ومن علمائنا من يرى أنه يجب على الزوج أن يأتي امرأته على أقل تقدير في كل أربعة أشهر مرة إن كان معذوراً، لكن الذي أود أن أؤكده -وهذا ما يعنيني- أن أبين للزوجة وللزوج المسلم أن اللقاء بين الرجل وامرأته في الفراش ما هو إلا خلوة في لحظات كريمة جليلة، يستمتع فيها كل زوج بالآخر في الحلال الطيب، فإذا ظلل بآداب الهدي النبوي الكريم، واستفتح الزوج هذا اللقاء بالاستعاذة، وجدد النية بمعنى: أن يعف نفسه، وأن يعف امرأته، وأن يتضرع إلى الله أن يرزقه الذرية الصالحة، ومهد لهذا اللقاء بالكلمة الندية، والمداعبة اللطيفة الحنونة، كما علمنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإذا استحضر كل هذه النوايا صار هذا اللقاء من أعظم الأسباب التي تقوي أواصر المحبة والمودة بين الزوجين، وصار هذا اللقاء سبباً رئيسياً من الأسباب التي تذيب الجليد والبرود الذي ينتاب الحياة الزوجية من آن لآخر حتماً، فشتان بين زوج مسلم ذكي صالح تنتظر زوجته هذه اللحظات التي تخلو فيها بزوجها، وبين زوج آخر تبغض زوجته هذه اللحظات لرائحة فم زوجها الكريهة أو لرائحة عرقه المنفرة، أو لأنها مقبلة على جولة من جولات المصارعة الحرة! نعم.

أود أن أؤصل أن اللقاء كله مودة ورحمة، ومتعة في الحلال الطيب، ولو وظف هذا التوظيف لكانت هذه اللحظات من أعظم اللحظات التي تذيب كثيراً من الخلافات والمشكلات والأزمات، التي تحدث من آن لآخر في كل بيوت المسلمين، ونسأل الله عز وجل أن يستر نساءنا وبناتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>